التمكين للغزاة البويهيين من بغداد
كان لدى الخليفة العباسي الراضي بالله محمد بن المقتدر وزير شيعي يسمى أبو علي محمد بن علي بن مقلة، وما إن وصل هذا الوزير إلى سدة الحكم حتى أخذ هذا الوزير يخطط ويدبر لإزالة الخليفة العباسي والتمكين لمجيء الفرس من بني بويه المتشيعين، فأخذ يكتب للبويهيين يطمعهم في بغداد دار الخلافة، ويصف لهم الحال الذي عليه الخليفة من الضعف، حتى قدم معز الدولة بن بويه إلى بغداد واستولى عليها سنة 334هـ. ويومها قال الوزير أبو علي ابن مقلة " إنني أزلت دولة بين العباس وأسلمتها إلى الديلم لأني كاتبت الديلم وقت إنفاذي إلى أصبهان، وأطمعتهم في سرير الملك ببغداد، فإني اجتنيت ثمرة ذلك في حياتي"*.
* السلوك لمعرفة دول الملوك ( 1/25- 27).
***
خيانات الفاطميين
كثيراً ما تعاون الفاطميون مع الصليبيين وتمالأوا معهم على بلاد الإسلام. من ذلك ما فعله العاضد آخر ملوكهم في مصر حين كاتب الصليبيين – كما ذكر المقريزي في خططه – ودعاهم إلى دخول مصر، من أجل الخلاص من صلاح الدين الأيوبي. وفعلاً جاء الفرنجة إلى مصر وحاصروا دمياط في سنة 565هـ، وضيقوا على أهلها وقتلوا أمما كثيرة.
وفعل الشيء نفسه الوزير الفاطمي شاور، فقد راسل الفرنجة ولما وصلت عساكرهم إلى مصر انضمت جيوشه إليها، والتقت بجيوش نور الدين بمكان يعرف بالبابين (قرب المنيا) فكان النصر حليف عسكر نور الدين محمود، ثم سار بعدها إلى الإسكندرية، وكانت الجيوش الصليبية تحاصرها من البحر وجيوش شاور وفرنجة بيت المقدس من البر، ولم يكن لدى صلاح الدين - القائد من قبل نور الدين - من الجند ما يمكنه من رفع الحصار عنها، فاستنجد بأسد الدين شيركوه فسارع إلى نجدته، ولم يلبث الفرنجة وشيعة شاور حتى طلبوا الصلح من صلاح الدين فأجابهم إليه شريطة ألا يقيم الفرنجة في البلاد المصرية. غير أن الفرنجة لم تغادر مصر عملاً بهذا الصلح بل عقدت مع شاور معاهدة كان من أهم شروطها : "أن يكون لهم بالقاهرة شحنة صليبية - أي حامية - وتكون أبوابها بيد فرسانهم ليمتنع نور الدين محمود عن إنفاذ عسكره إليهم. كما اتفق الطرفان على أن يكون للصليبيين مائة ألف دينار سنويًّا من دخل مصر"*. وقد تعددت خيانات شاور، ومراسلاته للفرنجة الصليبيين واستقدامه لهم ومقاتلته معهم مرات عديدة.
* ابن واصل/ مفرج الكروب بني في أخبار بني أيوب (ص152).
***
هدم الخلافة واستقدام المحتل المغولي
يقول ابن كثير: (وذلك كله من آراء الوزير ابن العلقمي الرافضي. وذلك أنه لما كان في السنة الماضية كان بين أهل السنة والرافضة حرب عظيمة نهبت فيها الكرخ ومحلة الرافضة، حتى نهبت دور قرابات الوزير؛ فاشتد حنقه على ذلك. فكان هذا مما أهاجه على أن دبر على الإسلام وأهله ما وقع من الأمر الفظيع).
كما ذكر ابن كثير أن كبير علماء الشيعة نصير الطوسي كان في حاشية هولاكو عند دخوله بغداد، وأنه كان معه كالوزير. وأنه كان من مقاصد أكابر الشيعة من وراء ذلك هو أن يزيلوا السنة بالكلية، ويظهروا بدعة الرافضة، وأن يقيم لهم المغول خليفة من الفاطميين. يقول الهالك الخميني (الحكومة الإسلامية ص 128): (ويشعر الناس بالخسارة أيضاً بفقدان الخواجة نصير الدين الطوسي وأمثاله ممن قدموا خدمات جليلة للإسلام).
ومما يذكره المؤرخون مثل عباس العزاوي في كتابه (بغداد بين احتلالين) أن مائة من علماء شيعة الحلة ممن ينتحل النسبة إلى أهل البيت جاءوا إلى بغداد يقدمون فروض الولاء والطاعة والتمجيد لهولاكو، ويقولون له: أنت الملك الموعود على لسان علي بن أبي طالب. وحين ذهبت جيوشه إلى الحلة استقبلتهم شيعتها بالزينة والأفراح، ونصبوا لهم الجسور لعبورهم!
***
خيانات شيعة الشام وتعاونهم مع المغول
شواهدها كثيرة ذكرتها كتب التاريخ. وقد عين هولاكو على بلاد الشام كلها والجزيرة والموصل وماردين والأكراد قاضياً شيعياً هو كمال الدين بن بدر التفليسي. وطلباً للاختصار نكتفي بقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في رسالته إلى السلطان الملك الناصر في شأن حرب المغول وحثه على البدء بقتالهم قبل أن يبدأوه: (إن غالب أهل البلاد قلوبهم مع المسلمين إلا الكفار من النصارى ونحوهم، وإلا الروافض ونحوهم من أهل البدع هواهم مع الكفار، فإنهم أظهروا السرور بانكسار عسكر المسلمين وأظهروا الشماتة بجمهور المسلمين. وهذا معروف لهم من نوبة بغداد وحلب، وهذه النوبة أيضاً كما فعل أهل الجرد والكسروان. ولهذا خرجنا في غزوهم لما خرج إليهم العسكر . وكان في ذك خيرة عظيمة للمسلمين) (1).
ونثني بقول الأمير بيبرس لما دخل التتار حلب وقتلوا منها خلقًا كثيرًا، وسلبوا ونهبوا وسبوا فكتب الملك الناصر صاحب حلب إلى الملك المغيث صاحب الكرك وإلى الملك المظفر قطز في مصر يطلب منهما نجدة وكانت نفسه قد ضعفت وخارت، وعظم خوف العساكر من هولاكو فقام الأمير الشيعي زين الدين الحافظي يعظم شأن هولاكو، ويشير بعدم القتال ووجوب الدخول في طاعة هولاكو، فصاح به الأمير ركن الدين بيبرس البندقداري وضربه وسبه وقال: (أنتم سبب هلاك المسلمين) (2). يا لها من كلمة (أنتم سبب هلاك المسلمين)!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) رسالة إلى السلطان الملك الناصر في شأن التتار ص19 ، شيخ الإسـلام ابن تيمية مكتب التراث العربي .
(2) أحمد بن علي المقريزي/ السلوك لمعرفة دولة الملوك (1/419) ط لجنة التأليف والترجمة والنشر الطبعة الثانية 1957م تحقيق محمد مصطفى زيادة - بتصريف.