كشفت وثائق جديدة أن إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق «جيمي كارتر» مهدت الطريق لعودة قائد الثورة الإيرانية «الخميني» من فرنسا إلى إيران بمنعها الجيش الإيراني من تنفيذ انقلاب عسكري.
جاء ذلك وفق ما نشرت صحيفة «الغارديان» البريطانية مؤخرا، بعد فترة قليلة من تقرير كانت «بي بي سي» كشفته مؤخرا بعد رفع السرية عنه، حيث أثبت وجود علاقات لـ«الخميني» تمتد للرئيس الأمريكي الأسبق «جون كنيدي»، وهو التقرير الذي اضطر المرشد الأعلى الإيراني «علي خامنئي» إلى تكذيبه.
وأوضحت «الغارديان»، بداية أن «الخميني» تبادل بعض الرسائل مع أمريكا عبر وسيط عندما كان يعيش بالمنفى في باريس للتأكد من أن واشنطن لن تجهض خطته الخاصة بالعودة إلى طهران.
اقرأ أيضاً|رسالة سرية للمرشد الهالك تُنشر لأول مرة..الخميني أيد المصالح الأميركية في إيران
وعلقت الصحيفة على رسائل «الخميني» إلى المسؤولين الأمريكيين قبل أسابيع فقط من عودته لإيران، قائلة إنه وبالمقارنة مع خطبه القوية ضد أمريكا وانتقاداته العدائية لما أسماه بـ«الشيطان الأكبر»، بدت تلك الرسائل «تصالحية بشكل مدهش».
لهجة ودية
وقال «الخميني» في إحدى تلك الرسائل «يفضل أن تنصحوا الجيش بألا يتبع رئيس وزراء الشاه شهبور بختيار، وسترون أننا لسنا على عداء مع أمريكا في أي شيء».
وفي رسالة أخرى بعثها «الخميني» إلى الإدارة الأمريكية مع مبعوث أمريكي في الشهر نفسه، قال: «يجب ألا تكون لديكم مخاوف بشأن النفط، ليس صحيحا أننا لن نبيع النفط لأمريكا».
وفي رسالة أخرى أيضا، قال «الخميني» إنه ليس معارضا للمصالح الأمريكية في إيران، بل بالعكس تقول الجريدة: «فهو يرى أن الوجود الأمريكي ضروري لمواجهة السوفيات وكذلك النفوذ البريطاني».
وأشارت «الغارديان» إلى أنه ورغم الخطب العدائية بين أمريكا وطهران بعد تسلم «الخميني» السلطة، فقد استمرت المحادثات المباشرة بين الجانبين.
ويعتقد أن الرئيس الإيراني الحالي «حسن روحاني» كان يشارك في محادثات سرية وافقت بموجبها واشنطن على إرسال أسلحة لطهران مقابل الإفراج عن الرهائن الأمريكيين آنذاك.
تقرير «بي بي سي»
وتسبب التقرير الذي كشفته «بي بي سي» الفارسية مؤخرا عن وثائق أمريكية مشابهة في هزة كبرى في إيران، فقد سارع المرشد الإيراني «علي خامنئي»، إلى استنكار التقرير، نافيا وجود أية اتصالات سابقة بين الطرفين، مدعيا أنها تقارير مختلقة ولا أساس لها من الصحة.
وكانت «بي بي سي» كشفت عن وثائق رفعت عنها السرية مؤخرا، تؤكد أن ثمة وجوها أخرى، لم تكن معروفة في السابق، للعلاقات بين إيران وأمريكا في عهد «الخميني».
وحتى يخفي المرشد الحالي الأمر، ادعى أن أهداف إيران والولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط متعارضة تماما، وأن طهران لن تتعاون بتاتا مع واشنطن وبريطانيا «الشريرة» حول القضايا الإقليمية، رغم أن أغلب الملفات الحالية في العراق وسوريا وأفغانستان متوافقة مع السياسة الإيرانية.
وكشفت الوثيقة حقيقة رسالة مرشد الثورة الإيرانية السابق للرئيس الأمريكي «جون كنيدي»، التي عبر فيها عن دعمه للمصالح الأمريكية في إيران.
وذكرت الوثيقة التابعة لجهاز الاستخبارات الأمريكية «CIA»، أنه قبل نصف قرن، تواصل أحد رجال الدين بمدينة قم بشمالي طهران، مع الحكومة الأمريكية من محبسه بعيدا عن أعين رجال «السافاك».
اقرأ أيضاً|وثيقة تهز إيران.. خامنئي ينكر اتصالات الخميني السرية بأمريكا
وأوضحت أن المرجع الديني الذي خاطب الولايات المتحدة الأمريكية لم يكن من أهم المراجع في قم، ولكنه كان من أشد المعارضين للثورة البيضاء التي أطلقها شاه إيران «محمد رضا بهلوي».
والثورة البيضاء عبارة عن برنامج إصلاحي اقتصادي واجتماعي أثار الجدل بإيران، وقد رأى «الخميني» أنها تمثل خطرا على الدين الإسلامي، بحسب «بي بي سي» النسخة الفارسية.
وبعد اعتقاله أرسل «الخميني» رسالة إلى حكومة الرئيس الأمريكي «جون كيندي»، بهدوء، من محبسه بمنطقة قيطرية بطهران سنة 1963، أشار فيها إلى عدم إساءة تفسير تهجمه اللفظي لأنه يؤيد مصالح أمريكا في إيران.
ووصلت الرسالة إلى واشنطن يوم 6 نوفمبر/تشرين الثاني 1963، لكن لا يعلم هل قرأ الرئيس الأمريكي هذه الرسالة أم لا، إذ توفي «كيندي» بعد أسبوعين من تعرضه لعملية اغتيال في «تكساس».