<< انخفاض الإنفاق العسكري السعودي العام الماضي بنسبة 30%.. وارتفاع الإنفاق الإيراني 17%
<< «التويجري»: مخططات طهران الطائفية من لوازم «السياسة الشاذة» التي لا تُراعي حرمة للدين ولا للقوانين الدولية
<< منظمات دولية: الدور التخريبي لـ«الحرس الثوري» شمل 14 دولة في الشرق الأوسط خلال السنوات الـ30 الماضية
<< صحيفة «نيويورك تايمز»: «المالكي والجعفري» حوّلا 19 مليار دولار من أموال العراق إلى «حزب الله» اللبناني
<< نائب رئيس الوزراء العراقي: «المالكي» أهدر خلال فترة حكمه تريليون دولار من أموال البلاد لحساب طهران
زعم محسن رضائي، أمين ما يُسمى «مصلحة تشخيص مصلحة النظام» في إيران، أن صفقات الأسلحة الدفاعية الأمريكية الموقعة مع المملكة العربية السعودية على هامش قمة الرياض مؤخرا، وهي الصفقات البالغة قيمتها 110 مليارات دولار، ضمن اتفاقيات بقيمة 460 مليارا، بمثابة "إشعال للنيران، وزعزعة للأمن في المنطقة بأموال المسلمين، وضدهم".([1])
ومثل هذه التخوفات - أو بالأحرى التخّرصات- الإيرانية ليس لها ما يبررها، فهذه الصفقات الدفاعية تشمل 5 محاور، هي: أمن الحدود ومكافحة الإرهاب، والأمن البحري والساحلي، وتحديث القوات الجوية، والدفاع الجوي والصاروخي، وتحديث تدابير الأمن «السيبراني» على شبكة الإنترنت، لحماية المملكة من الهجمات الإلكترونية، فضلا عن أمن الاتصالات، وهي تدعم أمن السعودية ومنطقة الخليج برمتها على المدى الطويل، خاصة في مواجهة العدوانية الإيرانية المتنامية.
وبالإضافة إلى الصفقات الدفاعية الضخمة، وقعت السعودية أيضاً اتفاقيات مع شركات أمريكية متخصصة في الصناعات العسكرية، تشمل توقيع اتفاق مع شركة «لوكهيد مارتن» لدعم برنامج تجميع 150 طائرة هليكوبتر من طراز «Black Hawk S-70» في السعودية، وهو اتفاق تبلغ قيمته 6 مليارات دولار، وتوقيع اتفاق مع شركة «رايثيون» لإنشاء فرع للشركة في المملكة، سيركز على تنفيذ برامج لخلق قدرات محلية في الدفاع وصناعة الطيران والأمن القومي، وتوقيع اتفاق مع مقاول الدفاع «جنرال دايناميكس» على توطين التصميمات وهندسة وتصنيع ودعم المركبات القتالية المدرع، للبرامج الحالية والمستقبلية في المملكة، بما يدعم هدف توطين 50% من الإنفاق العسكري السعودي، والاستغناء عن استيراد الأسلحة من الخارج تدريجيا، وفقاً لرؤية المملكة التنموية 2030.([2])
آلة التخريب الجهنمية
والحقيقة، بلغة الأرقام، ووفق قناة «المنار» الشيعية، التابعة لـ«حزب الله»، كشاهدٍ من أهلها، أن السعودية تراجعت إلى المرتبة الرابعة عالميا خلال العام الماضي من حيث الإنفاق العسكري، بعد الولايات المتحدة والصين وروسيا، على التوالي، وفقا لتقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI). وأفاد التقرير الصادر في إبريل الماضي أنه "في حين أن السعودية التي تقدر ميزانية إنفاقها العسكري بـ63.7 مليار دولار في 2016، كانت ترفع من إنفاقها سنوياً منذ عام 2002، إلا أن إنفاقها العسكري انخفض في 2016 بنسبة 30% مقارنة بعام 2015. وعلى النقيض من ذلك، ارتفع إنفاق إيران العسكري بنسبة 17% ما بين عامي 2015 و2016".([3])
ويُذكر، أيضا، أن الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد كان قد أعلن عام 2013، عن أن الموازنة العامة في إيران بلغت 416 مليار دولار، وارتفع فيها حجم الإنفاق العسكري بنسبة 127% في تلك السنة.([4])
وهذه الأرقام تؤكد أن النظام الإيراني، وليس السعودية، هو الذي يسعى بكل السبل لدعم آلته العسكرية التخريبية الجهنمية، لكي تمارس التقتيل والتخريب والتدمير الممنهج في سوريا والعراق واليمن وأفغانستان، في إطار مخطط لإذكاء الصراع وإحداث "فتنة كبرى جديدة بين أتباع المذاهب والثقافات والحضارات، وهو ما اعتبره الأكاديمي السعودي الدكتور عبد العزيز التويجري، مدير عام المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة «الإيسيسكو»، من "لوازم السياسة الشاذة التي لا تراعي حرمة للدين وللدماء ولا للقوانين الدولية، والتي كانت دائماً أكبر أسباب الحروب والنزاعات الدينية والعرقية التي نُكبت بها شعوب عدة خلال القرن العشرين، ولا تزال تعاني من ويلاتها وتبعاتها شعوب أخرى، غالبيتُها من العالم الإسلامي".([5])
ويؤكد مراقبون سياسيون أن زيادة الإنفاق العسكري السعودي في إطار صفقة الأسلحة الدفاعية الأخيرة مع واشنطن، هو حق أصيل للمملكة، خاصة أن النشاطات التخريبية الإيرانية باتت معروفة للجميع في العالم العربي، في ظل النهج الطائفي لطهران، والذي لن يتغير طالما بقي «الملالي» على رأس السلطة، وطالما استمروا في تأجيج الصراعات الطائفية، وتسليح وتمويل الميلشيات الإرهابية، وتجنيد شبكات التجسس لخدمة نشاطاتهم التخريبية، الشبكات التي تم كشفها في البحرين عام 2010، وفي قطر سنة 2011، وفي الكويت 2012. ولم تسلم السعودية والإمارات من خطرها، حيث تم ضبط عناصر تشغل مناصب في مجالات أكاديمية واقتصادية ومالية وطبية، كانت تخطط مع المخابرات الإيرانية لارتكاب أعمال تخريبية ضد المنشآت الحيوية في البلدين، والإخلال بالأمن وتفكيك وحدة المجتمع وإشاعة الفوضى وإثارة الفتنة. وفي دولة الإمارات تم القبض على خلية لـ«حزب الله» اللبناني، تضم جواسيس جندتهم المخابرات الإيرانية، واستطاعوا تجنيد أشخاص آخرين من جنسيات عدة، وحاولوا جمع معلومات عن بعض المنشآت الحيوية في الدولة، بغية الإضرار بالسكينة العامة وبواقع الازدهار الاقتصادي الذي تنعم به الإمارات.([6])
التدخلات الإيرانية «الشريرة»
وفي مارس الماضي، دعا نواب بريطانيون يمثلون مختلف الأحزاب حكومتهم إلى "اتخاذ موقف ضد التدخلات الإيرانية في شؤون دول الشرق الأوسط"، وطالبوا بإدراج «الحرس الثوري» الإيراني في قائمة الإرهاب الدولية. وندد النواب الذين يمثلون جميع الأحزاب الرئيسة في جلسة استماع رسمية بمجلس العموم البريطاني بـ«التدخلات الشريرة» للنظام الإيراني في منطقة الشرق الأوسط.
وجاءت جلسة المناقشة بطلب من النائب المحافظ الدكتور ماثيو آفورد، ومن رؤساء اللجان البرلمانية البريطانية، الذين أكدوا "الدور التخريبي لنظام طهران وقوات الحرس في دول الشرق الأوسط، لاسيما في سوريا واليمن والعراق ولبنان"، مطالبين الحكومة البريطانية بتصنيف هذه القوات ضمن مجموعات الإرهاب الدولية.
وسلّط النواب الضوء على دور قوات «الحرس الثوري» في تأجيج الحروب وإرسال السلاح والذخائر الحربية إلى اليمن وسوريا، وتجنيد أكثر من 70 ألفا من العملاء والمرتزقة، المنضوين تحت راية «الحرس الثوري» إلى دول إسلامية وشرق أوسطية.
وأشار عضو مجلس العموم البريطاني ديفيد إيميز إلى تدخلات النظام الإيراني «الشريرة» في الشؤون الداخلية لدول الشرق الأوسط وممارساته الوحشية، ووجّه النائب سؤالا إلى توباياس الوود، الوزير المعني بشؤون الشرق الأوسط وإيران، حول موقف الحكومة البريطانية من هذه التدخلات. وتطرق الوزير في كلمته إلى «الدور المخرب للنظام الإيراني»، وأكد ضرورة اتخاذ الحكومة البريطانية موقفًا ضد هذه التدخلات في شؤون دول الشرق الأوسط برمته.([7])
من جهة أخرى، كشفت دراسة أجرتها كل من «الرابطة الأوروبية لحرية العراق» (EIFA)، التي يرأسها ستراون ستيفنسون، ممثل اسكتلندا السابق في البرلمان الأوروبي، و«اللجنة الدولية للبحث عن العدالة» (ISJ)، ومقرهما العاصمة البلجيكية بروكسيل، عن معلومات صادمة بشأن الدور المدمر لميليشيات «الحرس الثوري» في الدول العربية، منوهة إلى أن هذا الدور التخريبي شمل 14 دولة في الشرق الأوسط خلال السنوات الـ30 الماضية.
وذكرت الدراسة أن كبار ضباط «الحرس الثوري» بدأوا منذ سنوات التدخل في شؤون الدول الإقليمية بشكل ممنهج، وزاد هذا التدخل في العام 2013 عقب التوقيع على الاتفاق النووي مع الغرب، مشيرة إلى أن "هذا التدخل تمثل في التورط بشكل مباشر في الاحتلال غير المعلن للعراق وسوريا ولبنان واليمن، والتآمر ضد حكومات فلسطين والبحرين ومصر والأردن".
وقالت الدراسة إن «الحرس الثوري» هرّب السلاح للدول الـ 14، وكانت النتيجة حدوث عمليات إرهابية في 13 منها، كما تمكنت بعض هذه الدول القبض على جواسيس وخلايا إرهابية تابعة للحرس الثوري كانت على اتصال مباشر مع قياداته في طهران.([8])
وفضلا عن التدخلات الإيرانية «الشريرة» - بالتعبير البريطاني- في شؤون الدول العربية والإسلامية المجاورة، لم يتورع «آيات الله» المزعومين عن سرقة أموال الشعوب أيضا، فقد كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية في عددها الصادر 13/10/2014، عن أن مشروعا عُرض أمام مجلس الكونغرس في أعقاب احتلال العراق عام 2003، بإعادة مليارات الدولارات العراقية المجمدة في المصارف الأمريكية لحساب العراق ضمن أموال برنامج «النفط مقابل الغذاء»، حيث تم شحن مبالغ من هذه الأموال تراوحت بين (12- 19) مليار دولار نقداً إلى الحكومة العراقية الأولى بعد الاحتلال التي كان يديرها بول برايمر، ثم اكتشف البيت الأبيض أن الأموال المُحولة لم تُنفق على المشاريع الحكومية، ولم تُدفع كرواتب أو لسد احتياجات ضرورية طارئة، إنما «اختفت» هذه المليارات من الدولارات بعد تشكيل الحكومة العراقية الثانية برئاسة إبراهيم الجعفري، ثم الحكومة الثالثة برئاسة نوري المالكي.
وفي عام 2014، وحسب الصحيفة، تبيّن أن الـ19 مليار دولار «المختفية» تم تحويلها بمعرفة الحكومات العراقية المتعاقبة خلال السنوات العشر الأخيرة إلى لبنان. وبدلا من إيداعها في المصارف رسمياً، أُودعت في مستودع محصن «تحت الأرض» في الريف اللبناني لحساب «حزب الله».([9])
وفي هذا الصدد، كشف بهاء الأعرجي، نائب رئيس الوزراء العراقي لشؤون الطاقة، عن أن «المالكي» أهدر خلال فترة حكمه تريليون دولار من أموال البلاد لحساب طهران، هي عبارة عن 800 مليار دولار قيمة موازنات العراق النفطية من 2004 حتى 2014، بالإضافة إلى 200 مليار منحاً ومساعدات دولية قُدمت إلى الشعب العراقي تلك الفترة، مؤكدا أنه "لا توجد حسابات ختامية بهذه المبالغ الطائلة، لكي نعرف فيم أُنفقت، وليس هناك أي إنجاز على الأرض نتلمس من خلاله إمكانية إنفاق هذه الأموال من خلال مشاريع ومنجزات".([10])
ويؤكد المراقبون السياسيون أن هذه المبالغ المنهوبة من الشعب العراقي، والتي تُقدّر بنحو تريليون و19 مليار دولار، هي «الميزانية» التي تنفق منها إيران على تخريب منطقة الشرق الأوسط، سواء في العراق أو سوريا أو اليمن أو لبنان أو البحرين أو الكويت، وسواها.
هذا ولا يزال العبث الإيراني ينشر الفوضى والإرهاب والفتن في دول المنطقة كافة، حيث رصد تقرير إخباري صدر في 28 ديسمبر 2015 سلسلة من أعمال إيران الإرهابية، المتمثلة في تنفيذ تفجيرات متفرقة؛ منها 38 عملية إرهابية في أكثر من 16 دولة، كان أبرزها 4 عمليات إرهابية في لبنان، و18 عملية في الكويت؛ منها استهداف منشآت حكومية وسفارات وتفجير عدد من السيارات المفخخة.
وأفاد التقرير بأن معدل ما تنفقه إيران على نظام بشار الأسد لدعم آلة التقتيل والتخريب والتدمير المستمرة منذ 2011 حتى الآن، يتراوح بين 3 مليارات و6 مليارات دولار سنويا، فيما بلغ مجموع ما ينفقه النظام الإيراني لتمويل الإرهاب 40 مليار دولار كل عام.
وقبل بضعة أشهر، كشف الباحث الدكتور ناصر القفاري عن المخططات الإجرامية الصفوية التي يحاول ملالي طهران تنفيذها في المنطقة، بهدف زعزعة أمن واستقرار البلدان العربية والإسلامية، وذلك في أربعة إصدارات جديدة تم تدشينها بمناسبة «معرض الرياض الدولي للكتاب» الأخير، تحت عناوين: «الغزو الباطني للأمة الإسلامية، حتى لا يستباح الحرم»، تأملات في التشيع، الشيعة.. المذهب والواقع».
وأخيرا، وليس آخرا، قال الأكاديمي الدكتور فتحي المراغي، أستاذ الدراسات الإيرانية، إن "نظام الملالي الحاكم في إيران يقوم بدعم وتسليح وتدريب الجماعات الإرهابية منذ عقود طويلة، وذلك لطبيعة هذا النظام التوسعية، حيث تم رصد 162 عملية اغتيال سياسية بدءا من عام 1989؛ أبرزها حادث برلين عام 1992، حيث تم قتل المعارضين الأكراد المنتمين إلى «الحزب الوطني الديمقراطي» الكردي، وبعدها واجهت إيران عددا كبيرا من الإدانات الدولية وصلت إلى إصدار قرارات بمحاكمة أركان النظام الإيراني على أنهم محرضون أساسيون لهذه الاغتيالات".([11])