قد يثير قرار الرئيس «دونالد ترامب» بإطلاق الصواريخ إلى سوريا التوتر مع إيران، الداعمة الرئيسية للرئيس السوري «بشار الأسد» في إشارة إلى خطوط معركة ضبابية خطيرة.
وقد أدانت طهران الهجوم الصاروخي على مطار الشعيرات، وقد أثار المسؤولون احتمال وجود عواقب. ويمثل الاحتكاك تحديا لواشنطن التي طالما دعمت جماعات المعارضة التي تقاتل «الأسد» وحلفاءه الإيرانيين دون الانضمام إلى المعركة نفسها. وتعني المشاركة الأمريكية الأعمق في سوريا فرصا أكبر للصراع المباشر مع عدو إيراني لا يمكن التنبؤ به في كثير من الأحيان.
يمكن أن تكون للتدابير الإرهابية من جانب إيران آثارا مضاعفة في المنطقة، ويمكن أن تستهدف كل شيء من السفن الحربية التابعة للبحرية الأمريكية إلى الحكومات العربية المتحالفة مع الولايات المتحدة. كما يمكن أن تستخدم إيران حزب الله وغيره من الميليشيات الشيعية لضرب القوات الأمريكية التي تحارب تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، أو أن تهاجم العديد من حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة.
كما أن الضربات الصاروخية الأمريكية التي شنت كعقوبة على هجوم كيميائي سوري قتل أكثر من 80 شخصا، يمكن أن تدفع إيران أيضا إلى تعزيز قوات الحرس الثوري التي تقاتل إلى جانب حكومة «الأسد».
وقبل الهجوم الذي وقع يوم الخميس، اتخذت الولايات المتحدة الإجراءات المعتادة لمنع أي هجوم غير مقصود على الجيش الروسي، وهو حليف أخر للأسد. ولكن لا يوجد اتفاق مشابه مع الجيش الإيراني مما يعني أنه لا توجد وسيلة لمنع أفراده من أن يكونوا في المكان الخطأ في الوقت الخطأ أثناء الهجوم الصاروخي.
وقال «بيل أوربان»، المتحدث باسم الأسطول الخامس في البحرية الأمريكية في البحرين أنه لا يوجد أى دليل على أن طهران ردت على القوات الأمريكية فلم تبد أي تفاعلات غير آمنة أو غير مهنية مع القوات البحرية منذ الغارة.
وقال المرشد الأعلى «آية الشيطان علي خامنئي» أن الضربة الأميركية على القاعدة هي «خطأ استراتيجي وجريمة».
وهدد أحد المشرعين الإيرانيين البارزين بالرد على الضربة. وقال رئيس اللجنة البرلمانية لشؤون الأمن القومي والسياسة الخارجية «علاء الدين بوروجيردي» إن «روسيا وإيران لن يهدئا في مقابل هذه الأعمال التي تنتهك مصالح المنطقة».
وقد تكبدت الولايات المتحدة آلاما كبيرة في السنوات الأخيرة جراء العمل حول المقاتلين الإيرانيين في العراق وسوريا في معارك تنظيم الدولة الإسلامية. وقد عكس ذلك جزئيا الجهد الذي بذل للحفاظ على الاتفاق النووي التاريخي، وتجنب اندلاع حرب أميركية أخرى في الشرق الأوسط.
وتبقى القوات البحرية من نخبة الحرس الثوري قريبة من تحركات السفن الأمريكية في الخليج ومضيق هرمز، حيث تمر خمس تجارة النفط في العالم. وفي شباط/فبراير، اقتربت العديد من الزوارق الحربية التابعة للحرس الثوري وقاموا بتصوير حاملة طائرات أمريكية تدخل الخليج. وقد هدد حزب الله منذ فترة طويلة المصالح الأمريكية في المنطقة، بما في ذلك أمن (إسرائيل).
لكن «جيورجيو كافيرو»، الرئيس التنفيذي لشركة «تحليلات دول الخليج» التي تتخذ من واشنطن مقرا لها، يتوقع أن ترجح إيران الانتظار. وقال «كافيرو» حول صواريخ كروز الأمريكية أنه إذا كانت هذه عملية لمرة واحدة، فسنرى على الأرجح استجابة هادئة ومحدودة نسبيا من إيران ووكلائها الشيعة.
في العراق، تقاتل الولايات المتحدة وإيران أساسا نفس العدو، وإن كان ذلك بشكل مستقل، وعن بعد. ومنذ بدء الضربات الجوية الأمريكية وعمليات تقديم المشورة والمساعدة في العراق في عام 2014، قامت الولايات المتحدة بحذر بدعم القوات البرية العراقية والكردية مع تجنب المشاركة المباشرة مع إيران.
لا توجد مثل هذه الحالة في سوريا، فقبل فترة طويلة من اندلاع الحرب الأهلية في البلاد، كانت سوريا شريكا إيرانيا رئيسيا، وشكلت بمثابة قناة لحزب اللات وساعدت طهران في بسط عضلاتها على طول الطريق إلى الحدود الشمالية لـ(إسرائيل) والبحر الأبيض المتوسط، وكان هذا هو المكان الذي لم يحمل بصمة أمريكية قوية.
منذ بداية الحرب الأهلية السورية عام 2011، حارب المقاتلون الإيرانيون وحزب الله جنبا إلى جنب مع «الأسد» وقد دعمت الولايات المتحدة الجماعات التي اصطفت على الجانب الآخر من ساحة المعركة. وبينما طالب «ترامب» بتراجع الولايات المتحدة عن الإطاحة بنظام «الأسد»، فإنه تعهد أيضا باتخاذ نهج أكثر صرامة تجاه إيران. وقد فرض عقوبات جديدة على طهران وهدد بتفكيك الاتفاق النووي، وقد كثف الدعم للقوات السعودية والإماراتية التي تقاتل المتمردين المدعومين من إيران في اليمن.
وقد قال السفير الأميركي السابق في سوريا و(إسرائيل)، إدوارد دجيريجيان، والذي يدير حاليا معهد بيكر للسياسة العامة.في جامعة رايس: «لا اعتقد أن إدارة ترامب تحاول معاقبة إيران بالضربات في سوريا لكنها سترسل بالتأكيد رسالة قوية».
ومع ذلك، قال جيريجيان، أن «ترامب» يجب أن «يولي اهتماما لما يفعله الإيرانيون في المنطقة لأن لديهم القدرة على تعطيل الأشياء بطريقتهم الخاصة».
ترجمة| الخليج الجديد