الخميس, 21 نوفمبر 2024
اخر تحديث للموقع : منذ إسبوع
المشرف العام
شريف عبد الحميد

قراءة في سير المجرمين| قاسم سليماني.. «لص الماعز» الذي أصبح سفاّح إيران في الشرق الأوسط «4»

في العمق - شريف عبد الحميد | Fri, Nov 20, 2020 5:54 AM
الزيارات: 3051
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني

>> صحيفة أمريكية: سليماني يسعى إلى إعادة تشكيل الشرق الأوسط لصالح طهران.. يغتال الخصوم ويسلّح الحلفاء

>> سياسي عراقي: نفوذ سليماني يبلغ من القوة والنفوذ حد أن البغداديين يعتقدون أنه «يحكم العراق سرا»

>> الإعلام الإيراني يقود حملة ترويجية دعائية واسعة النطاق تهدف لـ«تلميع” سليماني وتحويله إلى أسطورة كاذبة

 

الجنرال قاسم سليماني، قائد ما يُسمى «فيلق القدس» التابع للحرس الثوري الإيراني، هو أحد اللاعبين الكبار في الشرق الأوسط حاليا، فهو الرجل الذي عهد إليه «نظام الملالي» الحاكم في طهران بتنفيذ استراتيجية «ولاية الفقيه» في المنطقة، والرجل الذي بدأ  «لص ماعز» أثناء الحرب الإيرانية العراقية، ثم أصبح سفاّح إيران بلا منازع!

وخلال زيارته إلى طهران عام 2005، رد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على سؤال من صحافي إيراني، حول ما إذا كان جدول أعماله في طهران مزدحماً باللقاءات، قائلا: “لن أقابل سوى شخصين فقط، هما المرشد علي خامنئي والجنرال قاسم سليماني”، وهو مؤشر على مدى النفوذ الذي يتمتع به سليماني ضمن هرمية النظام الإيراني حاليا.

وُلد قاسم سليماني في 11 مارس 1957 بقرية «رابور» التابعة لمحافظة كرمان، جنوب شرقي إيران، لأسرة فقيرة تعمل بالزراعة، وعمل في صباه في مهن شتى، منها عامل بناء وحارس أمن. ونظرا لفقر أسرته، لم يتجاوز سليماني مرحلة الشهادة الثانوية، ليعمل بعدها موظفا صغيرا في دائرة مياه بلدية كرمان.

وفي العام الثاني والعشرين من عمر سليماني، اندلعت الثورة الإيرانية عام 1979، فشارك فيها كشاب ريفي فقير بسيط يعاني الفقر، وانضم إلى الجموع المطالبة برجوع الخميني من منفاه في باريس، وإسقاط حكم الشاه.

والتحق سليماني بعد الثورة مباشرة كمتطوع بمليشيات «الحرس الثوري» الإيراني، وبدأ حياته العسكرية بالمشاركة في قمع انتفاضة الأكراد ضد نظام الملالي في مقاطعة أذربيجان الغربية. ومع مرور الوقت، أثبت كفاءة نادرة فتدّرج في المراتب العسكرية، حتى أصبح قائداً للفيلق رقم (41) المسمى «ثأر الله»، واشترك مع الفيلق في الحرب الإيرانية- العراقية التي استمرت 8 سنوات، وعُرفت باسم «حرب الخليج الأولى».

وأُرسل سليماني وقتها إلى الجبهة العراقية- الإيرانية في مهمة غير قتالية، وهي تأمين المياه للجنود هناك، ولم يغادر الجبهة مطلقاً، حيث قال في وقت لاحق: “دخلت إلى الحرب بأمر المهمة لمدة 15 يوما فقط، وانتهى الأمر ببقائي حتى نهاية الحرب”. وقام بمهام استطلاع خلف خطوط الجيش العراقي، وكان يعود منها أحيانا حاملا معه ماعزا يستولى عليها من الفلاحين العراقيين، ويقوم جنوده بذبحها وشيّها. ولذلك أصبح يُعرف في صفوف الجيش الإيراني نفسه في وقت ما بـ«سارق الماعز»!

الاستراتيجية الجهنمية

تم تعيين سليماني عام 1998 قائداً لـ«فيلق القدس» التابع للحرس الثوري. ووفقا لتحقيق نشرته صحيفة «نيويوركر» الأمريكية في مارس الماضي أجراه الصحافي ديكستر فيلكين، فإن “سليماني سعى منذ تسلمه قيادة فيلق القدس إلى إعادة تشكيل الشرق الأوسط ليكون لصالح إيران، وعمل كصانع قرار سياسي وقوة عسكرية: يغتال الخصوم، ويسلّح الحلفاء”.

وفي هذا الصدد، قال عنه مسؤول عراقي شيعي سابق في تصريح لصحيفة «نيويوركر» الأمريكية إنه “داهية، واستراتيجي ذكي مخيف، وأدواته التي يستخدمها تتضمن دفع مكافآت إلى السياسيين في جميع أنحاء الشرق الأوسط، أو تخويفهم عند الحاجة، ومن ثم القتل كآخر الوسائل”.

ونشط سليماني وفق هذه الاستراتيجية الجهنمية في العديد من صراعات الشرق الأوسط، وخاصة في العراق ولبنان، ثم سوريا فيما بعد. وكانت أساليبه مزيجا من التصفيات الجسدية والمساعدات العسكرية للحلفاء الأيديولوجية، فقدّم مساعدات عسكرية للشيعة والجماعات الكردية المناهضة لحكم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين في العراق، و«حزب الله» في لبنان.

ويقول خبراء في الشأن الإيراني إن سليماني يعتبر اليوم «رمزا للدولة العميقة» في إيران، والتي يسيطر عليها المرشد الأعلى علي خامنئي، وبطانته من قادة الحرس الثوري وفيلق القدس وجماعات الضغط المرتبطة به كأنصار «حزب الله» وغيرهم من التيارات المتشددة التي تهيمن على المؤسسات الأساسية في الدولة وعلى رأسها مجلس الخبراء والشورى «البرلمان»، إضافة إلى مجلس صيانة الدستور والقضاء والمؤسسات المالية والاقتصادية الضخمة.

ولا يقتصر دور سليماني على السياسة الداخلية، بل برز اسمه كعقل مدبر للعمليات الإرهابية الخارجية التي ينفذها فيلق القدس الذراع العسكرية والأمنية للحرس الثوري الإيراني في المنطقة والعالم بقيادته، منذ أن صنّفته كل من واشنطن عام 2007 والاتحاد الأوروبي عام 2011، في «قائمة الإرهاب الدولية».

الأسطورة الكاذبة

وشهدت بداية الألفية وصول نفوذ سليماني إلى أقصاه، وتحوله إلى أحد أهم قادة ايران داخليا وخارجيا، إذ أصبح العقل المدبر لتنفيذ مشروع «ولاية الفقيه» في الشرق الأوسط. وفي هذا الصدد، قالت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية إن “سليماني بات من أهم صناع القرار في السياسة الخارجية الإيرانية”، في حين ذكرت صحيفة «الغارديان» البريطانية إن “نفوذ سليماني في العراق يبلغ من القوة والنفوذ حد أن البغداديين يعتقدون أنه هو الذي يحكم العراق سرا”.

ومنذ عام 2012، شارك سليماني في إدارة عملية تدخل «الحرس الثوري» و«حزب الله» والميليشيات العراقية في قمع الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد، وخاصة في معركة «القصير» بمحافظة حمص، وأشرف عليها بنفسه وتمكن من استردادها من المعارضة في مايو 2013. كما شارك بنفسه في عدة معارك، منها في ريفي اللاذقية وحلب.

وفي ديسمبر 2014، وخلال «حوار المنامة للأمن الإقليمي» الذي عُقد في البحرين، نشب نقاش حاد بين المندوبين الكنديين والإيرانيين بشأن دور سليماني. ووصف جون بيرد وزير الخارجية الكندي آنذاك، سليماني بأنه “وكيل الإرهاب في المنطقة، المتخفي في زي بطل يحارب تنظيم داعش”.

ورد حسن موسيان المتحدث السابق باسم وفد التفاوض النووي الإيراني، متهما الوزير الكندي بـ”الاستمتاع بقضاء الوقت في القصور والفنادق الفارهة، بينما يخاطر الجنرال سليماني بحياته لكي يواجه إرهاب تنظيم الدولة الإسلامية”.

وفي العلن، يبدو سليماني متواضعا بشكل كبير، وخلال مقابلة صحافية حديثة له وصف نفسه بأنه «أصغر جندي». واستناداً للصحافة الإيرانية، فقد رفض الرجل إقدام عدد من الحضور في إحدى المناسبات الشيعية على تقبيل يديه، غير أن سلطته المطلقة تأتي من صداقته وقربه من مرشد الثورة علي خامنئي، الذي وصف سليماني بأنه «الشهيد الحي للثورة».

وهكذا، أصبح الرجل، الذي لم يكن يتعرّف عليه معظم الإيرانيين في الشارع حتى وقت قريب، المادة الرئيسية للأفلام الوثائقية ونشرات الأخبار، وحتى الأغاني الوطنية. ويتداول الناشطون في إيران على نطاق واسع فيديو لمليشيات شيعية في العراق يُظهر جنودا وهم يرسمون صورا للجنرال قاسم سليماني على الجدران، ويؤدون التحية العسكرية له، مصحوبا بموسيقى حماسية.

ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل إن هناك حملة ترويجية دعائية واسعة النطاق بدأها الإعلام الإيراني منذ أكثر من عامين، تهدف إلى «تلميع» سليماني وتحويله إلى أسطورة كاذبة. ومن ذلك التقرير الذي نشرته قناة «العالم» الفضائية بالفارسية، بعنوان أوباما عن قاسم سليماني: “كم أتمنى لو أن بين ضباطي نظيراً له”. وهو عنوان كاذب، وتصريح لم يكن ليصدر عن رئيس الولايات المتحدة التي لطالما اعتبرت «الحرس الثوري» جماعة إرهابية من الطراز الأول.

مقتل قاسم سليماني

في 3 يناير 2020 بحدود الساعة الثانية فجرًا بتوقيت بغداد، أطلقت صواريخ أمريكية من طائرة مسيرة (من دون طيار)، والهدف كان قتل قاسم سليماني، مهندس حروب إيران في المنطقة وقائد ميليشياتها، وقتل معه أبو مهدي المهندس نائب قائد ميليشيات الحشد الشعبي العراقية الموالية لطهران.

تعليقات

أراء وأقوال

اشترك في النشرة البريدية لمجلة إيران بوست

بالتسجيل في هذا البريد الإلكتروني، أنتم توافقون على شروط استخدام الموقع. يمكنكم مغادرة قائمة المراسلات في أي وقت