الخميس, 21 نوفمبر 2024
اخر تحديث للموقع : منذ إسبوع
المشرف العام
شريف عبد الحميد

مجلة «إيران بوست»| الافتتاحية: «إرث الخميني» يواجه الانهيار

المجلة - | Sat, Nov 30, 2019 10:25 PM
الزيارات: 20828
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني

<< مظاهرات لبنان والعراق شكلّت تهديدا مباشرا لنفوذ نظام طهران.. واحتجاجات إيران مثلّت حقيقيا لوجود النظام نفسه

<< كل ما حاول النظام الإيراني أن يستثمره خلال 4 عقود من أجل النفوذ والسيطرة يواجه انهيار مريعا وسريعا!

خلال أقل من 40 يوما، واجه «إرث الخميني» الذي يجري تدشينه من قلب طهران منذ 40 عاما، الانهيار في العراق أولا، ثم في لبنان، ثم في إيران نفسها!

وأكدت هتافات مئات الآلاف من العراقيين «شيعة وسنة»، يدا واحدة، وحنجرة واحدة «إيران بره بره.. بغداد تبقى حرة»، حالة الغضب والتذمر الشعبي من التدخل الإيراني السافر في شؤون بلاد الرافدين.

غير أن طهران المرعوبة، لم تقف مكتوفة الأيدي، ولجأت إلى تحريك ميليشياتها لإخماد انتفاضة خلت من المعممين، ومن صور الزعماء والأحزاب، خشية أن تمتد إلى ساحتها بنفس «عابر للطائفية» أيضا، وهو ما حدث بالفعل.

وبعد اندلاع الاحتجاجات المناهضة للحكومة العراقية المدعومة من إيران، مباشرة، قام قائد «فيلق القدس»، الجنرال الدموي قاسم سليماني، بالتوجه إلى بغداد، وترأس اجتماعًا لمسؤولي الأمن العراقيين حول كيفية إخماد الاحتجاجات باعتماد أساليب النظام الإيراني!

وانفتحت على إيران جبهة عربية أخرى في بيروت، حين انتفض اللبنانيون ضد النفوذ الإيراني ممثلا في ميليشيات «حزب الله»، وضد تحكم حسن نصر الله ورجاله في مقدرات البلاد.

وفي البداية، حاول «نصر الله»، استمالة المحتجين مبديا تعاطفه ومرددا لهجة تصالحية تحدث بها الحريري. لكن الدفة تغيرت واتهم «نصر الله» قوى أجنبية بإثارة الفتنة، وهي نفس النغمة التي سيواجه بها ملالي طهران «انتفاضة البنزين» في إيران نفسها بعد أيام قليلة!

وتنامت مشاعر السخط الشعبي والغضب ضد الميليشيات الموالية لإيران، إذ ركّز المحتجون اللبنانيون والعراقيون على مطلب إزاحة إيران وأتباعها من الخارطة السياسية، خصوصًا بعد تهديدات «نصر الله»، التي زادت الاحتجاجات حدّة وشدّة، والتي لوّح خلالها بإنزال مناصريه، الذين يقدّر عددهم بالآلاف، إلى الشوارع لدعم بقاء الحكومة، التي يُعَدّ حزبه وأنصاره الجزء الأكبر منها، بقوله إنّ «وقت تظاهر أنصار الحزب ونزولهم إلى الشارع لم يأتِ بعد»، وهو ما يضع إمكانية مواجهة محتملة لآلاف المحتجّين بعضهم مع بعض في الشوارع، وقد انعكست مشاعر الاحتقان والغضب من أذرع إيران،

وما حدث في العراق ولبنان من تمزيق المتظاهرين للأعلام الإيرانية ولصور رأس الشيطان خامنئي، وتبين من خلال الأصوات المنددة بتدخل طهران في شؤون دولنا الداخلية، إنما هو تأكيد على عروبة الشعبين في مواجهة الخطر الإيراني. ومن العراق إلى لبنان، بات من الواضح أنه لم يعد من الممكن التسامح مع الهيمنة الإيرانيّة.

ومن حسن الطالع، أن احتجاجات العراق ولبنان تجاوزت «النعرات الطائفية» التي ابتلي بها كل من العراق ولبنان منذ فترة طويلة، وشاهدنا بأعيننا لأول وحدة شعبية حقيقية في البلدين، فقد أدرك المحتجون بوعيهم الوطني والقومي العربي، أن السني والشيعي والمسيحي والكردي والدرزي وغيرهم، يواجهون معا معاناة مشتركة، في ظل سيطرة الملالي على بلدانهم، وقد آن الأون لأن يرحل عملاء طهران من سدة السلطة.

ولا شك أن معضلة النظام الإيراني التي باتت واضحة للعيان، في كل من لبنان والعراق هو أن العزف على «وتر الطائفية» والتدخل الخارجي والعناصر المندسة بات نغمة مكررة، كما أن الحشود التي خرجت في هذين البلدين، إنما تضع النظام الإيراني في مقدمة أعدائها، وتعتبر ما يقوم به من تدخل سافر وسيطرة على مختلف مفاصل الحكم إنما هو سبب كوراث البلدين المستمرة حتى هذه اللحظة.

لقد هزت الاحتجاجات «العابرة للطائفية» في كل من لبنان والعراق، الأرض تحت أقدام إيران التي راهنت طويلا على وكلائها في المنطقة، ومن ضمنهم «حزب الله» والميليشيات الشيعية العراقية، وذلك في انعطافة باتت تهدد بتحجيم النفوذ الإيراني.

ويرى المراقبون السياسيون أن المسألة الأبرز في الحالتين اللبنانية والعراقية، هي أن الشعوب العربية ذاتها قد ضاقت ذرعا بالحكم المذهبي المؤدلج الذي يعمل لصالح إيران وأتباعها، وعقدت النية على فضح التيارات والأحزاب والميليشيات المذهبية واحدة تلو الأخرى.

وحتى لو استطاع وكلاء إيران في البلدين إخماد هذه الثورة الشعبية، ولم تنته الاحتجاجات بتحقيق مطالب الحشود للشوارع، فإن المحصلة النهائية تقول إن كل ما حاول النظام الإيراني أن يستثمره من أجل النفوذ والسيطرة والتأثير قد سقط سقوطا سحيقا، وإن «إرث الخميني» يواجه انهيار مريعا وسريعا!

والمثير للدهشة حقا أن مسؤولي النظام الإيراني يبدو أنهم «فوجئوا» بأن نفوذهم في المنطقة ينهار بسرعة أكبر مما كان يعتقدون، وأن هذا النفوذ إنما شيء أكثر هشاشة مما ظن الكثيرون.

من جانبها، قالت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية إن «الاحتجاجات كشفت أن النظام الإيراني فشل في ممارسة نفوذه في البلدان التي يسكنها الشيعة، وأنه فشل في ترجمة الانتصارات العسكرية والسياسية إلى رؤية اجتماعية اقتصادية تمكنه من السيطرة على تلك البلدان، وتجاهله نقطة مهمة تمثلت في الرؤية الاجتماعية الاقتصادية التي تعد الركيزة الأساسية للحفاظ على قاعدته التي شكلّها على مر العقود الماضية».

وأضافت المجلة أنه «من العراق إلى لبنان، أصبح من الواضح أنه لم يعد من الممكن التسامح مع المد الإيراني، خاصة أن الاحتجاجات الأخيرة كشفت مدى هشاشة نظام الملالي أمام العالم، وأنه حان الوقت للعمل مع المجتمعات الشيعية، فالشيعة لا يخصون إيران وحدها كما تزعم، بل هم مواطنون عرب في التحليل الأخير».

وبعد أقل من شهر، حدث ما كان يخشاه قادة النظام الإيراني، وامتد لهيب الاحتجاجات إلى داخل إيران نفسها، وهي الاحتجاجات التي عرفت باسم «انتفاضة البنزين»، وواجهتها طهران بكل أساليب القمع الدموي التي حدثت خلال قمع احتجاجات الطلبة عام 1999 مرورا بالقمع الدموي لـ«الانتفاضة الخضراء» عام 2009، إلى مهاجمة الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت أواخر 2017 وامتدت لمدة أسبوعين في 2018.

وهكذا، شكلت الاحتجاجات الواسعة في كل من لبنان والعراق أولا، تهديدا مباشرا لنفوذ نظام طهران، وبعدها مثلّت «احتجاجات البنزين» الدامية في إيران نفسها، تهديدا حقيقيا لوجود النظام نفسه.

وإن خروج الطبقات الشبابية من الأجيال الجديدة للاحتجاج في كل من العراق ولبنان وإيران، تباعا، أفقد «المشروع الإيراني» شرعيته في الخارج في خلق دولة نموذج يمكن تعميمه على بقية الدول المستهدفة بهذا المشروع، وعملت على انكشافه وتعريته أمام الداخل والخارج معا.

وإذا نظرنا إلى الاحتجاجات في العراق ولبنان وإيران، سنجد أنفسنا أمام رفض شعبي لسياسات نظام طهران الداخلية والخارجية على السواء، والتي تقف وراء تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في إيران، سنكون بذلك أمام فشل ذريع في الدول الثلاث مجتمعة، ومن ثم يعني ذلك انهيار «إرث الخميني»، وفشل إيران في خلق الدولة «الأسوة» المزعومة!

كلمات مفتاحية:

تعليقات

أراء وأقوال

اشترك في النشرة البريدية لمجلة إيران بوست

بالتسجيل في هذا البريد الإلكتروني، أنتم توافقون على شروط استخدام الموقع. يمكنكم مغادرة قائمة المراسلات في أي وقت