- تعيين "سلامي" قائدا للحرس الثوري جاء في الذكرى الـ40 لتأسيسه.. وبعد أيام من إدراجه كـ"منظمة إرهابية"
- أكاذيب "سلامي": اليوم أكثر من أي وقت مضى هناك أرض خصبة للقضاء على النظام الصهيوني
- ينصح "نتنياهو": بالتدّرب على السباحة في "المتوسط" لأنه قريبا لن يكون أمامك خيار سوى الهرب بحرا!
- القائد الجديد مُدرج في قرار "مجلس الأمن" رقم 1737 عام 2006 كـ"متورّط" في برنامج الصواريخ الباليستية
- المراقبون السياسيون: تعيين "سلامي" قائدا للحرس الثوري "رسالة تشدد" تبعث بها طهران للولايات المتحدة
عيّن المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي في 21 أبريل الماضي، اللواء حسين سلامي قائدا للحرس الثوري، خلفا للواء محمد علي جعفري، الذي ترأس هذه القوات منذ عام 2007.
وجاء تعيين "سلامي" في الذكرى الأربعين لتأسيس الحرس الثوري، وبعد أيام من إدراج الولايات المتحدة في 15 أبريل الماضي، الحرس كمنظمة إرهابية، وهو مؤشر على الضغوط السياسية التي باتت تواجهها قوات "الحرس"، في الداخل الإيراني وفي الخارج معا.
ولد "سلامي" عام 1960 في منطقة "جولبايجان" بمقاطعة أصفهان. وفي عام 1978، التحق بقسم الهندسة الميكانيكية في جامعة إيران للعلوم والتكنولوجيا. وانضم إلى "الحرس" عند بدء الحرب بين إيران والعراق عام 1980، وكان يتولى قيادة القتال على حدود محافظة كردستان غرب البلاد.
وعُهد إلى الرجل خلال أعوام الحرب الإيرانية- العراقية الثمانية، بقيادة بفرق عسكرية منها "كربلاء والإمام الحسين ومقر نوح"، وبعد انتهاء الحرب حصل على ماجستير في الإدارة الدفاعية.
وشغل "سلامي" أيضا منصب رئيس جامعة القيادة والأركان في الحرس الثوري بين عامي 1992 و1997، وهي الجامعة العسكرية الخاصة بإيران التي أسست عقب الثورة الإسلامية. كما كان نائبا للعمليات في فريق الحرس الثوري المشترك بين أعوام 1997 و2005.
وتولى قيادة سلاح الجو في الحرس الثوري من عام 2005 وحتى 2009. كما يعمل عضو في هيئة التدريس بجامعة الدفاع الوطني العليا. وقبل تعيينه قائدا للحرس الثوري، كان نائبا لقائده منذ عام 2009 حتى 2019.
أكاذيب علنية
في أول تصريح له عقب توليه منصبه، قال "سلامي" إن على "إيران أن توسع نطاق اقتدارها من المنطقة إلى العالم".
وأضاف "سلامي" أن: "قوة القدس التابعة للحرس، بقائدها الشجاع الباسل، اللواء قاسم سليماني، عبرت الكثير من الجبال والسهول، لتنهي هيمنة أمريكا في شرق المتوسط ووصلت إلى البحر الأحمر وحولت البلاد الاسلامية إلى أرض للجهاد".
وفي سياق الحديث عن البطولات الوهمية، أشاد القائد الجديد لـ"الحرس" بما أسماه "القوة الجوفضائية" التابعة لحرس الثورة، وخاصة انجازهم المدن الصاروخية تحت الأرض، وإطلاقها على أعداء الإسلام، كما أثنى على القوة البحرية للحرس التي قطعت "أيدي المعتدين الأمريكان"، في حين أن أحدا لم يسمع بأي مواجهة مع الأمريكيين، ولا بإطلاق صاروخ واحد على من سماهم القائد الجديد "أعداء الإسلام"!
وتابع "سلامي" أن: "علينا في الخطوة الثانية للثورة أن نحول الحكم الإسلامي إلى حضارة، وعلى الحرس الثوري أن يوجد لديه القابلية لأداء دوره في الخطوة الثانية للثورة. علينا أن نوسع نطاق اقتدارنا من المنطقة إلى العالم، لئلا تبقى أي نقطة آمنة للعدو في أنحاء العالم".
ومثل كل قادة إيران الذين يقولون ما لا يفعلون، عُرف عن سلامي تعهده المتكرر بـ "تدمير إسرائيل" و"كسر أمريكا". ومن ذلك أنه في خطبة بطهران بثت على الهواء يوم الأول من يوليو 2016، صرح سلامي بأن "اليوم، أكثر من أي وقت مضى، هناك أرض خصبة بنعمة الله للإبادة والقضاء على النظام الصهيوني"!
وعُرف عن الجنرال سلامي أيضا إطلاقه التهديدات اللفظية، إذ نصح الرجل قبل عدة أشهر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، بـ"التدّرب على السباحة في المتوسط لأنه قريبا لن يكون أمامك خيار سوى الهرب بحرا"!
وشكلت هذه التصريحات النارية التي لا طائل فعليا من ورائها، جزءا من سياسة "سلامي" مع توليه منصبه كنائب لقائد قوات الحرس الثوري، وحتى ترأسه هذه القوات مؤخرا، على اعتبار أنه واحد من "صقور" النظام الإيراني.
وفي سياق هذه "الحرب الكلامية" التي لا تتعدى أفواه المسؤولين الإيرانيين، قال سلامي أنه "فقط في لبنان، هناك أكثر من 100 ألف صاروخ قائم جاهزة للإطلاق. بحيث في أي وقت يسعى النظام الصهيوني إلى تكرار أخطائه السابقة، فإن هذه الصواريخ ستقع في قلب النظام الصهيوني وتكون مقدمة للانهيار الكبير في العصر الحديث".
وفي فبراير الماضي، قال قائد الحرس الثوري الجديد إن إيران "تخطط لكسر أمريكا وإسرائيل وشركائها وحلفائها، يجب على قواتنا البرية أن تطهر الكوكب من قذارة هذا الوجود".
ونقل التلفزيون الإيراني عنه في يناير الماضي، قوله إن "استراتيجية الجمهورية الإسلامية هي "محو الكيان الصهيوني من الخريطة السياسية. لقد كنا في السابق نحارب العدو على أراضينا، أما اليوم فنحن متواجدون في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر ونحن أصحاب قوة في العراق مبنية على أساس الثورة الإسلامية".
وفي المقابلة التلفزيونية، وجه سلامي تهديداً مبطناً لأوروبا قائلاً: "اليوم لو قررت أوروبا أو غيرها وفقاً للمؤامرة، الإصرار على نزع السلاح الصاروخي للجمهورية الإسلامية الإيرانية سوف نضطر لإحداث قفزة في استراتيجيتنا".
وواصل "جنرال الحرب الكلامية" تهديده لأوروبا مؤكداً أن "إيران بإمكانها تغيير كافة العوامل والمؤثرات لتطوير قوتها على الجغرافيا وفي المجال التقني"، ومشدداً على أن "أمام القوة الصاروخية الإيرانية آفاق مفتوحة وبلا حدود في مجال التنظيم والتطوير الكمي والنوعي ولن نقبل بأي مانع على هذا الطريق".
ورغم تكرار تعرض المنشآت العسكرية الإيرانية في سوريا لغارات جوية إسرائيلية، ومقتل عدد من العسكريين الإيرانيين على الأراضي السورية، لم ير العالم رد فعل إيراني يذكر غير "التهديدات" الواردة على لسان حسين سلامي، الذي هدد مجددا بـ"القضاء على إسرائيل".
توّعد الجنرال قائلا: "لو ارتكبت إسرائيل ما يؤدي إلى نشوب حرب جديدة، من المسلّم به أنها ستعجّل بنهاية إسرائيل"، مضيفاً أن "مهمتنا هي محو إسرائيل من الوجود". وتكررت الضربات الإسرائيلية ولم ترد إيران بعد!
دلالات تعيين "سلامي"
من المعلوم أن "سلامي" مدرج على قائمة العقوبات الدولية منذ 2006. وفي أكتوبر 2007، أضيف إلى القائمة الوطنية المخصصة (SDN) التي يحتفظ بها مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية، وهو ما أدى إلى تجميد أصوله بالولايات المتحدة وحظر معاملاته مع الأطراف الأمريكية وفقا للأمر التنفيذي 13382، الذي يستهدف انتشار أسلحة الدمار الشامل وأنظمة إيصالها.
وفي أبريل 2007، أدرجه "الاتحاد الأوروبي" عملا بقرار مجلس الأمن رقم 1737، باعتباره شخصا يجب تجميد أمواله وموارده الاقتصادية وتلك التي يملكها أو يحتفظ بها أو يسيطر عليها.
"سلامي" مُدرج أيضا في ملحق لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1737 بتاريخ 23 ديسمبر 2006، كشخص متورّط في برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية؛ وهو ما يتطلب من الدول الأعضاء في المجلس تجميد الأصول المالية على أراضيها التي يملكها أو يسيطر عليها الشخص أو وكلاؤه أو الكيانات التي يمتلكها أو يسيطر عليها
ويرى المراقبون السياسيون أن هناك دلالتين بارزتين في تعيين "سلامي" رئيسًا للحرس الثوري، ربما تكشفان النقاب عن دوافع هذه الخطوة. الدلالة الأولى تتعلق بتوقيت هذه الخطوة، لكونها تأتي بعد أسبوعين فقط من تصنيف الحرس كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة، فيما تتمثل الدلالة الثانية في طبيعة العقلية المتشددة للقائد الجديد وتصريحاته "النارية" المعروفة ضد واشنطن وحلفائها مقارنة بأي قائد آخر.
ويؤكد المراقبون أن تطوير قدرات الحرس وضخ دماء جديدة فيه وتطعيمه بقادة يمتلكون موقفًا أكثر تشددًا حيال خصوم بلادهم، "رسالة تشدد" ربما تبعث بها طهران للولايات المتحدة، خاصة في ظل السجال السياسي والإعلامي الدولي الدائر حاليا بخصوص مؤسسة "الحرس".