منذ أن تسلمت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مقاليد الحكم، بدأت معاداته تظهر للنظام الإيراني، وبالمقابل حاول الأخير أظهار القوة إلا أنه مع تصعيد واشطن بدى يرضخ أمامها خوفا من المزيد من العقوبات التي فرضها الإدارة الامريكية الجديدة نظير تجربتها الصاوريخة البالستية.
ولا يقتصر الأمر على تصريحات أقطاب الإدارة الموجهة ضد النفوذ الإقليمي لإيران هي أكبر راع للإرهاب في العالم! بل تجاوزتها إلى تحريك حاملة طائرات أمريكية إلى خليج عدن، في أعقاب استهداف سفينة سعودية من قبل مليشيات الحوثي الإرهابية.
وتتحدث تقارير صحافية عن سعي الإدارة الأمريكية لتشكيل تحالف عسكري عربي ـ إقليمي لمواجهة التهديدات الإيرانية، أطلق عليه «ناتو» عربي ـ إقليمي، من المفترض أن يضم مصر والسعودية والأردن ودولة الإمارات العربية وتركيا.
وأدت هذه التطورات إلى شعور طهران، بأنها محاصرة وتحت تهديد وجودي مستجد، في ضوء تبلور جبهة شاملة بين الولايات المتحدة وروسيا والعرب، بما في ذلك "إسرائيل" ضد النظام الإيراني.
هذا إضافة إلى أن إيران تستشعر تخلي روسيا عنها رغم تحالفها معها في الأعوام الأخيرة بمختلف المجالات، حيث تشتعر موسكو أن مصالحها الحيوية مع واشطن هامة من أجل التقدم في الجهود الرامية لرفع العقوبات المفروضة عليها، إضافة إلى التفاهم مع تركيا لتكون أكبر شريك إقليمي لها.
ووفقا لتقرير نشره معهد بحوث إعلام الشرق الأوسط “ميمري”، فإن الرد الإيراني على الوضع والتطورات الجديدة يتسم باستجابة إيران لهذه التطورات بالخوف من النشاط الأمريكي ضد نظامها، الذي يتضح في عدة مجالات.
ردع عسكري
ففي أعقاب فشل إطلاق إيران لصاروخها بعيد المدى خورمشهر في الـ 29 من يناير 2017، أعلنت إدارة ترامب وضع إيران تحت المراقبة، وكانت إيران تتحضر في ذلك الوقت لإطلاق صاروخ آخر بعيد المدى، وقامت بالتحضيرات العملية لذلك لكن ألغي إطلاق الصاروخ بعد تحذيرات الولايات المتحدة.
حينها قال قائد سلاح الطيران أمير علي حاجي زاده: “تبحث أمريكا عن أعذار حول اختباراتنا على الصواريخ، لأن العدو يركز جهوده على إيذاء أمننا، فالعدو يعاني مع قضايا مثل قدراتنا وعلومنا النووية وقوة صواريخنا وما إلى ذلك، وكلها مجرد أعذار لتبرير عدائهم تجاه النظام الإسلامي والأمة الإيرانية”.
واعترف زاده في التاسع من مارس، أن إيران رُدعت بشدة لدرجة امتناعها عن استخدام صاروخ لإطلاق قمر صناعي في المدار.
وأضاف: “لدينا صاروخ لاستخدامات غير عسكرية لإطلاق أقمار صناعية، لكن يتم تخزينه الآن بسبب نبرة أمريكا الغاضبة”، وتساءل: “إلى متى سيتم ابتزازنا وإجبارنا على التنازل؟ إن لم نغير إستراتيجيتنا واستمررنا في العمل وفقاً لأوامر من مسؤولين عالقين في الوحل، سيتدهور وضعنا يوماً إثر يوم”.
ومما يشير أيضاً إلى الضبط العسكري لإيران، تصريحات وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان في 9 فبراير الماضي، إذ تحدث في عشية يوم الثورة الإيرانية عن “الإدعاءات الجديدة من العناصر الأمريكية ووسائل الإعلام حول إجراء إيران اختبار صواريخ جديد”.
وقف الاستفزازات
وقف إيران الاستفزازات ضد سفن تابعة للبحرية الأمريكية، وتراجعها جاء عبر تقرير رسمي من الحرس الثوري الإيراني، بأن مسؤولية التعامل مع طواقم السفن الأجنبية التي تخترق المياه الإيرانية الإقليمية، نقلت من الحرس الثوري إلى منظمة الموانئ والملاحة البحرية .
ويعود هذا الإجراء للخوف من الاستجابة القاسية من قبل إدارة ترامب لإهانة الأسرى الأمريكيين، كما حدث في الـ 26 من يناير، على الرغم من عدم وجود رد حقيقي على هذا من قبل إدارة أوباما.
التراجع عن التهديدات
كما كفت إيران عن حرق السفن البحرية الأمريكية في الخليج العربي وإغراقها، فضلاً عن وقف شبه تام للبيانات العدوانية تجاه الولايات المتحدة.
فضلًا عن اختفى شعار “الموت لأمريكا” بالكامل تقريباً من الخطابات الرسمية للمتحدثين باسم النظام الإيراني، بما في ذلك المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، كذلك توقفت عمليات حرق العلم الأمريكي في العلن.
الوضع الدفاعي
وقال وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان إن “إيران حالياً في وضع دفاعي ضد التهديد الأمريكي، ونحن نعتبر الدفاع ضرورياً لبلادنا وللدول الإسلامية الأخرى ولكل المسلمين، إن من واجبنا أن نجهز أنفسنا حتى لا يجرؤ أحد على تهديدنا أو ابتزازنا أو مهاجمة بلادنا”.
فيما اعتبر لتعزيز الروح المعنوية وإقناع الإيرانيين بقوة دولتهم وقدرة القوات المسلحة على مواجهة أمريكا، المجال الرابع.
وفي مثال على ذلك، هو ما أشار إليه وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان، قائلاً: “إيران حالياً في وضع دفاعي ضد التهديد الأمريكي، ونحن نعتبر الدفاع ضرورياً لبلادنا وللدول الإسلامية الأخرى ولكل المسلمين، إن من واجبنا أن نجهز أنفسنا حتى لا يجرؤ أحد على تهديدنا أو ابتزازنا أو مهاجمة بلادنا”.
وفي محاولة لتعزيز الروح المعنوية وإقناع الإيرانيين بقوة دولتهم وقدرة القوات المسلحة التي استشعر البعض أنها ضاعت قال القائد العام للحرس الثوري الإيراني حسين سلامي، “لقد تعلمت الأمة الإيرانية أن تخلق القوة بالاعتماد على العقيدة الداخلية، في كل يوم يزيد عدد صواريخنا الدفاعية وسفننا الحربية وقاذفات الصواريخ. الهواء والبحر يقعان تحت سيطرة هذه الأمة”.
دعم الميليشيات الشيعية
ثمه عامل اخر يبرهن على تراجع ايران أمام بطش الولايات المتحدة، وهو تركيزها على دعم المقاومة وتفويض المعركة ضد أعداء إيران، حيث تدعم ايران الميليشيات الشيعية، والحوثيون في اليمن وسوريا إضافةً إلى “حزب الله” والمنظمات الفلسطينية التي تديرها إيران، لإحياء جبهة القتال ضد إسرائيل، بحسب تقرير “معهد بحوث إعلام الشرق الأوسط”.
وشدد المرشد الأعلى خامنئي في كلمته الافتتاحية في المؤتمر السادس لدعم الانتفاضة الفلسطينية الذي عقد في طهران فبراير الماضي، على ضرورة مساعدة حركات المقاومة في كفاحها العسكري ضد إسرائيل.
وقال خامنئي، إن “المساعدات الإيرانية لهذه الحركات، ترتبط ارتباطاً مباشراً بمستوى التزام هذه الحركات بمبادئ المقاومة، وتحديداً النضال ضد إسرائيل”.
واستجابة لطلب خامنئي، أطلق الحوثيون المدعومون من إيران في اليمن، أخيراً، صواريخ تجاه السعودية، وفي الـ 17 من مارس، أطلق الحوثيون صاروخاً باليستياً متوسط المدى نحو منشأة لشركة “أرامكو” في جازان، إضافة لذلك، أطلق صاروخ من طراز “بركان 2 ” يمني الصنع باتجاه قاعدة الملك سلمان الجوية في الرياض.
علاوة على ذلك، صعّد النظام السوري من ردوده على الهجمات الإسرائيلية على قوافل تنقل صواريخ إستراتيجية من إيران إلى “حزب الله”، وعلى عكس ما كان سائداً في الماضي، أطلق النظام الإيراني خلال هذاالأسبوع صواريخ مضادة للطائرات على طائرات إسرائيلية.
خطة العمل الشاملة
ويتضح فيها خوف طهران من الغضب الأمريكي، فهي التمسك والإصرار على خطة العمل الشاملة المشتركة مع واشنطن، حتى في ضوء الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة، واعتبرها الإيرانيون في وقت سابق، أنها قد تقود إيران إلى العودة للوضع االسابق لاتفاقية خطة العمل المشتركة.
ويقدّر “معهد بحوث إعلام الشرق الأوسط”، أن إيران لن تنسحب من اتفاقية خطة العمل الشاملة المشتركة تحت أي ظرف، حتى لو زادت إدارة ترامب من العقوبات المفروضة عليها، وحتى لو تبنت الولايات المتحدة تحركاً عسكرياً ضد المصالح الإيرانية في المنطقة.
ويعود السبب لرفض إيران التخلي عن اتفاقية خطة العمل الشاملة المشتركة، إلى أن الخطة تعتبر إنجازاً تاريخياً لإيران لأنها تمنحها صفة الدولة النووية، علاوة على ذلك، ووفقاً لما ذكره الناطق باسم النظام الإيراني كيهان، فإن حكومة روحاني قدّمت خطة العمل المشتركة كأداة لمنع الحرب ضد النظام الإيراني.
وها هي إيران اليوم تتحمل وحدها مسؤولية عدائها للدول من خلال سياساتها التدخلية اللامسؤولة في شؤون دول الجوار، فهل لها من حليف بعدما شبه تخلى عنها النظام الروسي؟
المصدر|التقرير