أصبحت شعبية إيران بين العراقيين أقل من شعبية الولايات المتحدة "للمرة الأولى" بحسب استطلاع جديد أجراه مركز أبحاث عراقي مستقل.
ووصل قبول إيران وسط العراقيين إلى "أدنى مستوى له منذ سنوات" وفقا لاستطلاع "المعهد المستقل للإدارة ودراسات المجتمع المدني (IIACSS).
وتشير نتائج الدراسة التي أجراها المعهد إلى أن لإيران قبولا لدى 15 في المئة فقط من العراقيين في حين يفضل نحو ثلث العراقيين على الأقل الولايات المتحدة.
وقال منقيث داغر، مدير المعهد، الذي يعتبر ممثلا للعراق في مؤسسة غالوب في واشنطن: "لأول مرة منذ فترة طويلة نرى تفضيل الولايات المتحدة بين العراقيين ضعف تفضيلهم لإيران" معتبرا في تصريحات له في واشنطن أن تلك "ظاهرة جديدة في المسرح السياسي العراقي".
وتشير هذه الأرقام، بحسب الباحث، إلى "تراجع حاد في قبول إيران في الشارع العراقي بعد أن كانت هناك مشاعر إيجابية نحوها لدى حوالي 70 في المئة من العراقيين عام 2017".
ويأتي تراجع الدعم الشعبي العراقي لإيران بينما بدأت الولايات المتحدة والعراق "حوارا استراتيجيا" لتحديد مستقبل شراكتهما بعد الحرب ضد داعش.
وعقد الجانبان جولة أولى من المحادثات الأسبوع الماضي أعقبها صدور بيان مشترك أشار إلى التزام واشنطن بتقليص عديد القوات الأميركية المتمركزة في العراق وتوسيع شراكتهما لتشمل المزيد من التعاون الثقافي والاقتصادي.
السفيرة الأميركية السابقة باربرا ليف قالت خلال ندوة عبر الإنترنت تم فيها الإعلان عن نتائج الاستطلاع إن الولايات المتحدة "تتطلع إلى تحويل العلاقة إلى ما هو أبعد من الجوانب الأمنية الصارمة، إلى علاقة أكثر استدامة".
ويشير تقرير لموقع "صوت أميركا" إلى أنه منذ مقتل قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني بغارة أميركية في يناير، حاولت طهران من خلال حلفائها في البرلمان العراقي وميليشياتها المسلحة على الأرض إجبار القوات الأميركية على الانسحاب، وأصدر البرلمان قرارا غير ملزم بذلك.
لكن الاتفاق الجديد الذي تم التوصل إليه في الحوار "لا يبدو أنه يلبي مطالب حلفاء إيران في العراق الذين دفعوا من أجل انسحاب كامل للقوات الأميركية أو رفع الحماية القانونية عما تبقى من القوات".
وفي البيان المشترك، أعاد العراق التزامه بحماية القوات الأميركية المتبقية والمنشآت الدبلوماسية، وهو تعهد بحسب خبراء قد يكون من الصعب الاحتفاظ به على الأرض.
جون هانا، كبير محللي شؤون الشرق الأوسط في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن قال: "الآن يأتي الجزء الصعب".
وأضاف: "ماذا سيفعل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في المرة القادمة التي تشن فيها إحدى المليشيات هجوما صاروخيا كبيرا على منشأة أميركية؟" واعتبر أن "الأفعال لا الكلمات" هي التي ستحدد مدى الالتزام بما جاء في هذه التعهدات.
وحذر هانا أيضا من مخاطر مغادرة عدد كبير من القوات الأميركية بينما "لا يزال تنظيم داعش يشكل تهديدا كبيرا، خاصة في المناطق المتنازع عليها في الشمال".
رامان غافامي المحلل المتخصص في شؤون الجماعات المتمردة، المقيم في لندن، قال إن الأحداث الأخيرة قد تدفع العراق بعيدا عن السير في فلك إيران، مشيرا إلى أن "توقيت الحوار ليس في صالح إيران ولا وكلائها".
وأضاف أنه "بعد أشهر من الاحتجاجات في العراق ضد نفوذ إيران وسوء الإدارة والفساد ومشاعر الاكتئاب في إيران بسبب وباء كوفيد-19 وتدهور الاقتصاد، وعدم مقدرة طهران على تقديم أي دعم قيم للعراق لم يترك ذلك لبغداد مساحة كبيرة" للسير في اتجاهي واشنطن وطهران معا.
لكن رغم تراجع قبول إيران بين العراقيين، يرى خبراء أن طهران ستظل "لاعبا مؤثرا" في السياسة العراقية في المستقبل المنظور.
وقال جيسون برودسكي، مدير منظمة "متحدون ضد إيران النووية" التي مقرها الولايات المتحدة إن "إيران لا تزال لديها القدرة على أن تكون صاحبة النفوذ السياسي الأكبر في السياسة العراقية".
وأشار إلى أن الحكومة الإيرانية قالت مؤخرا إنها توصلت إلى اتفاق في مجال الطاقة مع العراق وآخر يتعلق ببناء طريق سريع يربط مدينتي مهران الإيرانية والنجف المقدسة في العراق.
وقال برودسكي: "في حين أن العقوبات وزوال سليماني أضعفا يد إيران (في العراق)، فإن طهران تواصل ممارسة نفوذها على الأرض".
المصدر: الحرة