الخميس, 21 نوفمبر 2024
اخر تحديث للموقع : منذ إسبوع
المشرف العام
شريف عبد الحميد

شطرنج الاتفاق النووي بين ترامب وخامنئي

تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني

دخل الاتفاق النووي مرحلة السخونة السياسية يوم الجمعة الماضي، بعد أن شهدت خطبة الجمعة بالعاصمة الإيرانية طهران حدثا نادرا، لا يتكرر كثيرا، إذ اعتلى قائد كبير بالجيش الإيرانى منبر الجمعة وخطب فى المصلين ليحثهم ضمنيا على الاستعداد لمرحلة ما بعد خروج أمريكا من الاتفاق وعودة العقوبات على البلاد التى توصلت إلى (خطة العمل الشاملة المشتركة) مع العالم فى الرابع عشر من يوليو بالعام 2015.

وسط هذا الحدث تعالت أصوات أمريكية محسوبة على إدارة الرئيس السابق باراك أوباما تحذر أمريكا من الخروج من الاتفاق، معتقدة أن خروج واشنطن يعنى حتميا عزلها وليس عزل طهران، وهو رأى نادى به خبير الأمن القومى الأمريكى البارز السفير دينيس روس.

شطرنج الاتفاق

يبدو التوتر الحالى بين إيران وأمريكا أشبه بلعبة الشطرنج التى لا يمكن فيها الفوز من الضربة الأولى، ولا يمكن "كش الملك" وإنهاء اللعبة إلا بعدة حركات تترتب على حركات ونقلات المنافس، وهذا ما يجرى بالحرف الواحد تحت السطح المشتعل بين طهران وواشنطن والذى تزيده التهابا قرارات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب.

ففى الأيام الأخيرة فعل ترامب كل ما فى وسعه لإجبار إيران على تقديم تنازلات حول الاتفاق النووى، إذ أقال وزير الخارجية ريكس تلريسون الذى كان يود إبقاء بلاده فى الاتفاق، وعين بدلا منه، مايك بومبيو، مدير الوكالة المركزية للاستخبارات (CIA) وزيرا للخارجية، وعين المتشددة جيناهاسبل مديرة للوكالة، وعين الصقر الشهير، جونبولتون، مستشاراً للأمن القومى.

فى إيران فُهمت تلك "الحركات" الأمريكية على رقعة شطرنج العلاقات بأنها خطوات تمهد للانسحاب من الاتفاق فى الموعد المقرر إطاره الزمنى بيوم 12 مايو المقبل، لذلك قامت إيران بـ"حركات" ردا منها على "الحركات" الأمريكية، منها ما تم يوم الجمعة فى الخطبة الأسبوعية ذات الدلالات السياسية.

"حركات" إيرانية

تجاوبت إيران وفقا لقواعد اللعبة مع أمريكا وردت بطريقتها الخاصة، وفى واحدة من الظواهر النادرة التى لا تتكرر كثيرا، صعد قائد رفيع المستوى بالجيش الإيرانى، وهو مساعد قائد الجيش الإيرانى لشؤون التنسيق الأدميرال، حبيب الله سيارى، يوم الجمعة على منبر جمعة طهران وألقى خطبة حث فيها الإيرانيين على التأهب لكل الاحتمالات فى الفترة المقبلة.

وتأتى كلمة حبيب الله سيارى فى الذكرى التاسعة عشرة لاغتيال القائد العسكرى الإيرانى على صياد شيرازى الذى تتهم السلطات جماعة مجاهدى خلق بتصفيته أمام منزله فى العاصمة طهران يوم 10 إبريل من العام 1999، وهى كلمة ذات دلالة لا تخطئها عين؛ إذ يعتبر الإيرانيون صياد شيرازى رمزا للمقاومة.

وتشير كلمات سيارى إلى أن إيران عازمة على المضى قدما فى عدم الاستجابة إلى المطالبات الغربية بالجلوس مجددا على طاولة المفاوضات وبحث وقف التجارب الصاروخية الباليستية ووقف مد الانقلاب الحوثى بالصواريخ وعدم الانخراط فى النزاعات المسلحة بالإقليم.

إيران باقية فى الاتفاق

ضمن "حركاتها" الأخيرة المرتبة ردا على "حركات" ترامب تحدث أكثر من مسؤول من مسؤولى الوسط عن أن إيران باقية فى الاتفاق حتى لو خرجت أمريكا منه، وهو ما أكده ـ ضمنيا ـ وزير الخارجية، محمد جواد ظريف، الذى شدد فى حوار مع الأستاذ علي هاشم، بهيئة الإذاعة البريطانية، بي بي سي، على أن الاتفاق النووى اتفاق دولى متعدد الأطراف والولايات المتحدة طرف فيه، وهى دولة دائمة العضوية فى مجلس الأمن رعت القرار الذى صدر بالصفقة النووية وتم تبنّيه بالإجماع من طرف مجلس الأمن.

وأضاف ظريف ردا على سؤال حول ما إذا كان بإمكان الاتفاق النووى أن يصمد إذا اتخذ الرئيس الأمريكى دونالد ترامب قرارا بالتحلُّل منه؟ أن الاتفاق يعد معاهدة دولية سارية المفعول، لكن اتفاقا دوليا سارى المفعول لا يعنى بالضرورة أن كل أطرافه سلتزم به، وللولايات المتحدة سجل قياسى من حالات عدم الالتزام باتفاقاتها الدولية.

وضرب ظريف مثالا على ذلك برفض أمريكا اتفاقية باريس حول التغيرات المناخية، مؤكدا أن ما يحدث الآن هو أن الولايات المتحدة إذا انساقت وراء رغبة الرئيس ترامب، فستقدم الدليل على أنها شريك لا يُعتمد عليه فى إبرام اتفاقات دولية.

وعليه يمكن القول إن كل "قطعة" ينقلها ترامب، تقابل بـ"قطعة" أخرى ينقلها المرشد الأعلى للبلاد آية الله علي خامنئي الذى يراهن على الموقف الأوروبى ذلك الذى لن يسمح بالامتثال إلى ترامب والخروج من الاتفاق النووى، والجميع فى انتظار "النقلة" الأخيرة يوم 12 مايو لرؤية حركة "موت الشاه".

تعليقات

أراء وأقوال

اشترك في النشرة البريدية لمجلة إيران بوست

بالتسجيل في هذا البريد الإلكتروني، أنتم توافقون على شروط استخدام الموقع. يمكنكم مغادرة قائمة المراسلات في أي وقت