الجمعة, 12 يوليو 2024
اخر تحديث للموقع : منذ 3 أشهر
المشرف العام
شريف عبد الحميد

صباح الموسوي يكتب| اغتيال عبد الله صالح.. رسالة إيرانية لمن يهمه الأمر

آراء وأقوال - صباح الموسوي* | Thu, Dec 7, 2017 6:31 AM
الزيارات: 3370
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني

لا شك أن اغتيال الرئيس اليمني السابق "علي عبدالله صالح" على يد مليشيات الحوثي مثّل حدثاً بارزاً ومهماً, ليس على صعيد اليمن وحسب وإنما على صعيد الحدث الإقليمي عامة, وذلك لارتباط الحدث بالمشروع الإيراني من جهة وبالإقليمي والدولي من جهة أخرى, فكما أن هناك مشروع إيراني يعمل على تقويض الأمن والسلم العربي, فهناك أيضاً مشروع دولي ينشط في الإقليم يسعى للاستفادة من الأحداث الجارية بما يضمن مصالحه, ولكل من المشروعين نقاط تلاقي وتعارض, ومن هنا فإن اغتيال "علي عبدالله صالح" لايمكن أن يكون قد جاء لمجرد الانتقام فالدول صاحبة المشروعات الاستراتيجية لا تتعامل مع أعدائها بعقلية الفرد المندفع بروح الانتقام وإنما تتعامل معه وفق حسابات المصلحة التي تعمل لضمان نجاح المشروع الاستراتيجي لا لتقويضه. ومن هنا علينا أن نقرأ عملية اغتيال "صالح" وفق هذه الرؤية.

شكّل تحالف المغدور"علي عبدالله صالح" مع جماعة الحوثي حدثا بارزاً في الصراع اليمني داخليا ومنصة قوية لانطلاقة المشروع الإيراني في مواجهة التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية على مدى ثلاثة سنوات من الصراع, بذات القدر خدم كذلك أجندة غربية معنية بهذا الصراع. فحين أعلن "صالح" فك تحالفه مع الحوثي كان بذلك قد أربك المشهد السياسي على الساحة اليمنية وخلق مفاجأة جديدة للمشروعين الإيراني والغربي ولهذا كان لابد من اغتياله.

و لو ابتعدنا عن الدور الغربي المحتمل في اغتيال "صالح" وركزنا قليلا على الدور الإيراني في عملية الاغتيال, لكونه الطرف الأكثر تضررا من فك التحالف بين المغدور صالح  والحوثي, نجد أن الطرف الإيراني أراد أن يحقق بهذه العملية أكثرمن هدف.

أولاً: أراد الإيرانيون أن يجعلوا من الحوثي القوة الوحيدة التي تمتلك قرار استمرار الحرب أو إيقافها.

ثانياً: أرادوا للحوثي أن يكون الطرف الوحيد الذي يتحكم في المشهد اليمني بدون شريك يتقاسم معه المكتسبات التي قد تتحقق من جراء أي تسوية قد تحصل مع التحالف العربي لإنهاء أزمة الصراع في اليمن.

ثالثاً: أرادت إيران عبر اغتيال "صالح" أن تبعث برسائل تحذير للأطراف الموالية لها سواء في داخل اليمن أو مستوى الإقليم من أنها لن تتساهل مع أي طرف حليف أو موالٍ لها تراوده فكرة الخروج عليها.

فكما أسلفنا في مقالٍ سابقٍ من أن الحوثي، والحدث اليمني عامة يشكلا حلقة في سلسلة من الحلقات المنتشرة في الإقليم، والمرتبطة بالمشروع الإيراني. فاغتيال "صالح" كان عملا مطلوبا لغيره أكثر مما هو مطلوب لذاته.

فلو أخذنا الساحة الشيعية العراقية على سبيل المثال، نجد أنها تشهد بعض التقلبات الدراماتيكية في مواقف بعض الأحزاب والتيارات الإيرانية التكوين، أو التي ترتبط بتحالف معها، فهناك خشية من انفراط عقد تحالف أو تابعية هذه الأطراف مع إيران فجاء اغتيال صالح ليكون رسالة تهديد لهذه الأطراف التي تفكر في فك تابعيتها أو تحالفها مع إيران. ومثالا على ذلك ما حدث من انشقاق في جسد أحد أهم وأبرز القوى الشيعية التي أسستها إيران وهو "المجلس الأعلى الإسلامي العراقي" الذي كان يقوده عمار الحكيم . فقد خرج الأخير وأسس تنظيما جديدا أسماه "تيار الحكمة الوطني"، وذلك بعد أن قام الحكيم بسلسلة من الزيارات لعدد من الدول الإقليمية، وأجرى مشاورات مع دول غربية. يعد عمل عمار الحكيم إضعافا للتنظيم الذي أسسته إيران في مطلع ثمانينيات القرن الماضي في طهران، بقيادة رجل الدين الشيعي العراقي البارز "محمد باقر الحكيم"، الذي قتل في عملية تفجير غامضة بمدينة النجف العراقي عام 2003 .

أما الحدث الثاني الذي زاد من مخاف إيران على تحالفاتها مع القوى الشيعية في الساحة العراقية، هو التقارب الذي حصل بين زعيم التيار الصدري "مقتدى محمد صادق الصدر"، وبعض دول الخليج العربي، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية. وهو ما شكل قلقاً لدى طهران التي تخشى من نفوذ أي قوى عربية في الساحة الشيعية العراقية.

ولا يفوتنا أن نذكر كذلك عدم استبعاد أن تكون عملية اغتيال المغدور "صالح" فيها رسالة إلى قادة إقليم كردستان العراق، وعلى رأسهم الرئيس "مسعود بارزاني"، الذين فكوا ارتباطهم مع إيران وأعلنوا عن الاستفتاء على استقلال الإقليم، الأمر الذي كان قد ازعج طهران كثيرا، وجعلها تدفع بجنرالها "قاسم سليماني"، ومليشيات الحشد الشعبي، لاحتلال محافظة كركوك، وإحباط نتائج الاستفتاء الكردي.

ولا يستبعد كذلك أن يكون اغتيال صالح فيه رسالة تهديد بالاغتيال إلى رئيس الحكومة اللبنانية "سعد الحريري" إذا ما أصر على استقالته التي قد تربك المشهد اللبناني، وتجعل حزب الله الموالي لإيران في وضع يصعب عليه إدارة المشهد اللبناني, ولا يستبعد أن يكون قرار سعد الحريري بالعدول عن استقالته قد جاء وفق هذه الرؤية.

*رئيس المؤسسة الأحوازية للثقافة والإعلام

(المحمّرة)

تعليقات

أراء وأقوال

اشترك في النشرة البريدية لمجلة إيران بوست

بالتسجيل في هذا البريد الإلكتروني، أنتم توافقون على شروط استخدام الموقع. يمكنكم مغادرة قائمة المراسلات في أي وقت