الخميس, 21 نوفمبر 2024
اخر تحديث للموقع : منذ إسبوع
المشرف العام
شريف عبد الحميد

تَحْذيرُ الأَنَام مِنَ المُسَلْسَلِ الشِّيعِيِّ: «قِصَّةُ يُوسُفَ -عَلَيْه السَّلام-»!!

تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني

الحمد لله حقَّ حمده, والصلاة والسلام على نبيه وعبده, وعلى آله وصحبه ووفده, أما بعد:

فقد كثر في الآونة الأخيرة السُّؤال عن مسلسل تلفزيونيٍّ تبثُّه بعض القنوات الفضائيَّة الشيعيَّة, والتي اتَّخذت الطَّعن في الصحابة الأبرار والصالحين الأخيار من عباد الله ديناً تدين به, وتعظيمَ القبور والأضرحة والمشاهد عبادة تتعبَّد بها, والقولَ بتحريف القرآن عقيدةً تعتقدها وتنافح عنها, ودعوى عصمة الأئمة أمر مسلَّم لا يداخله شكٌّ ولا يخالطه ريب, وأنَّ أئمتهم المعصومين يتحكَّمون في الخلق, ويتصرَّفون في ذرَّات الكون, ويعلمون الغيب,...وغير ذلك من الضلالات التي هنالك.

هذا المسلسل التلفزيونيُّ الذي تبثُّه هذه القنوات هو مسلسل: «قِصَّةُ يوسفَ الصِّدِّيق -عليه السَّلام-», يلعب فيه زمرة من الممثِّلين الفارسيِّين الهابطين الرَّوافض أدوار بعض الأنبياء والمرسلين والصَّالحين! ودون أيِّ تحرُّج عن تمثيل دور واحد منهم؛ فمنهم من يمثِّل دور يعقوب -عليه السلام-! ومنهم من يمثِّل دور يوسف -عليه السلام-! ومنهم من يمثِّل دور جبريل -عليه السلام-! ومنهم من يمثِّل دور ملك الموت -عليه السلام-! ومنهم من يمثِّل دور (راحيل) والدة يوسف, و(الأسباط) إخوة يوسف, وزوجات يعقوب, وامرأة العزيز...وغير ذلك.

وقد افتُتِن كثير من المسلمين من -أهل السنة- بهذا المسلسل, وتابعه شريحة غير قليلة, زعماً منهم للـ: التَّعرُّف على قصة نبيِّ الله يوسف من (بعضهم)! وكأنَّ ما جاء في كتاب الله لا يكفيهم!

ومَلْئاً لفراغ وقت (بعضهم)! الآخر, وكأنَّ أوقاتهم ليست من أعمارهم!

وفضولاً من (بعضهم)! الآخرين, وكأنَّه ليس عندهم من طاعة الله ما يشغلهم!

وهكذا فلتكن اللامبالاة عند المسلم! التي تضيِّع دينه وهو لا يشعر, دون البحث في حكم ما هو متلبِّس به من عمل!

والأمر الذي دفعني للكتابة في هذه المصيبة القديمة المتجدِّدة -غير ما ذكرت من إقبال جمع من مسلمي أهل السنة- هو أنني لم أرَ أحداً تعرَّض لهذا المسلسل بالنَّقض والرَّد, والذي هو -فيما أحسِب- واجبٌ كفائيٌّ على المسلمين, إن وقع التَّقصير من (بعضهم) فيه أَثِمَ (الجميع), فأحببت أن يكون لي يدٌ في دفع هذا التَّبذُّل والهراء عن خيرة خلق الله من المرسلين والأنبياء, والمجتبَين والأصفياء, الذين نَدين لله بحبِّهم, والدِّفاع عن ذواتهم المطهَّرة, وقد كلَّفني هذا البحث -مضطرًّا- إلى تضييع بعض الأوقات النفيسات بالوقوف على بعض المشاهد واللَّقطات لهذا المسلسل عبر شبكات الإنترنت, واستفدت -أيضاً- ممَّا حدَّثني به عنه بعض الإخوة الثقات, وهو ممَّا لا بدَّ منه ليكون كلامي مبنيًّا على حقائق ومشاهدات, وأدلَّة بيِّنات ساطعات, وليس بمجرد الظنون والتخرُّصات, والأوهام والاحتمالات.

ووالله إنه ليحزننا أن يصل حال بعض أهل السنة إلى هذه الحال المزرية من الجهل المُدَوِّي, والمسارعة لتصديق كلِّ ناعق, والتَّصفيق لكلِّ زاعق, ولكنَّ الله غالب على أمره..

فما هو حكم التَّمثيل بعامَّة؟

وما هو حكم تمثيل الأنبياء والمرسلين بخاصَّة؟

وما حكم بثِّ وترويج هذا المسلسل وأمثاله عبر الفضائيات والشبكات؟

وهل يجوز للقنوات المسلمة تبنِّي مثل هذا المسلسل؟

وما هي المفاسد التي تلحق بدين المسلم المترتبة على حضور مثل هذه المسلسلات؟

وما هي الأمور المنكرة التي تزيد على قضيَّة التمثيل في هذا المسلسل؟

وللإجابة عن كل هذه السُّؤالات والتَّساؤلات؛ قمت بكتابة هذا البحث مضمِّناً إيّاه عدة عناوين جانبية مدرجاً تحتها الأدلَّة والنُّصوص وكلام أهل العلم في حكم هذا العمل الشنيع والجرم الفظيع.

غزو الشيعة للفضائيات وكثرة قنواتهم:

لا شكَّ أن المدَّ الشيعيَّ لا يقف عند حدود معينة, ولا يرتضي سبيلاً واحداً يلج فيه, فهو يدقُّ كلَّ باب يجده, ويستعمل كلَّ أداة تتاح له لنشر المذهب الشيعي الباطل, وكيف لا وهذا المذهب تتبنَّاه دولةٌ من الدُّول التي عاثت في دين الناس خراباً, وأضحت تحسب لها ملوك بني الأصفر حساباً! وآخر هذه الوسائل وأحدثها هي: (القنوات الفضائية), فإنَّ «المتابع لوسائل الإعلام في الآونة الأخيرة يجد أن هناك حُمّى فضائية متسارعة -وأحياناً متصارعة- في سياق متوازٍ مع حُمّى الاستقطاب الديني والطائفي في منطقتنا.

ففي الوقت التي نشاهد فيه تصاعداً في ظهور الفضائيات النصرانيَّة -على سبيل المثال-، فإنَّ توجُّهها الديني يكفي في التحذير من أخطارها، بينما في المقابل نجد أن الفضائيات الشيعية تتسلَّل إلى بيوتنا دون أن نشعر، بل على العكس قد يشعر البعض بنوع من الطمأنينةبالتفاف أفراد أسرته حولها بدلاً من الابتذال الفضائي الموجود حاليًّا، خاصة أن تلك القنوات تغطي مختلف النشاط الإعلامي من الدراما والمسلسلات إلى القنوات الخاصة بالطفل والمرأة وهي ذات تأثير غير مباشر، كما سنرى لاحقاً.

وإن كان للعجب مكان، فلنا أن نعجب أن عدد القنوات الشيعية بلغ (35) قناة تبث سمومها باللغة العربية، وهي موجهة إلى منطقتنا العربية مستهدفة عقيدة شعوبها وانتماءها، في الوقت الذي ليس للسنة قناة واحدة تبثُّ باللغة الفارسية موجَّهة لأهلها.

دولة واحدة ترعى العديد من القنوات التي تبثُّ بغير لغتها، وعشرات الدول السُّنِّية لا نجد من بينها دولة واحدة تتكفَّل بنقل عقيدتها السُّنِّية للشعوب الأخرى بلغتهم الخاصة...

وبعد:

مسلسل قصة يوسف وما اشتمل عليه من أفعال شنيعات محرَّمات ومحظورات منكرات:

ومما جاء في هذا المسلسل الذي فيه أعظم الإساءة لخير خلق الله: (أنبياء الله ورسله) من منكرات جليَّات, ومخالفات واضحات, لا يقرُّها إلا رديّ, ولا يرضاها مسلم سويّ:

ظهور أشخاص الأنبياء: (يعقوب ويوسف -عليهما السلام-)!

بل ويظهرونهما في صورة ممتهنة, كراعِ غنم, وعبدٍ مملوك, وفي نهاية المسلسل عندما يلتقي الأب بابنه! يركضان وهما يصرخان, ويسقطان أرضاً مراراً, ويتدحرج يعقوب -عليه السلام- عدة مرات, ثم يتعانقان ويبكيان طويلاً في مشهد مؤثِّر لمن خلا قلبه من المحبة الحقيقية لهما.

والذي مثَّل دور نبي الله يوسف (كما في مقابلة له على قناة الكوثر الشيعيَّة) هو أحد فسَّاق السينما الفارسية في إيران واسمه: (مصطفى زماني) من مواليد (عام: 1982م) في مدينة (فريدون كنار), وهو طالب في إحدى الجامعات الإيرانية, وقد تم اختياره من بين (3000) متقدِّم لهذا الدور, (عام 2004م) وكان شرطهم أن يكون ظهوره لأول مرة, ووقع عليه الاختيار -بالطبع- لوسامته! وجماله! وأناقته! وكونه متلقياً دورة في الفروسية, ودورة في الرياضة وكمال الأجسام ليناسب الدور!

ثمَّ إنَّ هذا الممثل اختير لتمثيل دور البطل بعدها في فيلم سينمائي اسمه: (آل)!! مع امرأة متبرجة هي البطلة في الفيلم.

وقد كان الذي مثَّل الدَّور وهو صغير: ممثل إيراني آخر اسمه (حسين جعفري), وله لقاء على (قناة المنار) الشيعيَّة.

فأقول: نراهم يتورَّعون عن تمثيل نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- في مثل هذه الأدوار! ويعظِّمون بزعمهم جنابه الشريف! وها هم يجوِّزون امتهان هؤلاء الأنبياء, وتقمص شخصياتهم! فما هذا التفريق؟ وأين هم من قوله -تعالى-: ﴿لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ﴾. [البقرة:285]؟

بل إن الرافضة في تمثيلهم لا يصوِّرون وجه علي -رضي الله عنه- فضلاً عن نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-, وهذا يؤكِّد أن عليًّا عندهم أعظم من الأنبياء, بل هو عندهم من فروع الربوبية!! وهو الذي يخلق!! ويُدخِل الجنَّة والنار!!

ظهور أشخاص الملائكة: (جبريل, وملك الموت -عليهما السلام-)!

لم يكتفِ الروافض بتمثيل أنبياء الله يوسف يعقوب -عليهما السلام-! بل تجاوزوا تمثيل البشرإلى تمثيل الملائكة -أيضاً-, فقام أحد ممثليهم ممن الله أعلم بحاله ومعاصيه! بتمثيل دور جبريل -عليه السلام-! وأطلقوا عليه: رسول الله الأحد! وقام رجل ثانٍ بتقمُّص شخصية ملك الموت -عليه السلام-! وأسمَوه كما في الإسرائيليات: (عزرائيل) وهو اسم لا أصل له في الكتاب والسنة, والذي ظهر في المسلسل فجأة ليخبر يعقوب بأن ابنه يوسف ما زال حيًّا ثم عاد واختفى فجأة.

فأحسن الله عزاء المسلمين بهم, وإنا لله وإنا إليه راجعون..

لم يبقَ إلا أن يأتوا بصوت وصورة ويقولوا: هذا صوت الله, وهذه صورة ربِّ العزة -تعالى الله عن إفكهم وضلالهم علوًّا كبيراً-.

التوسُّل بآل البيت ومحاولة نشر عقيدة الشيعة في الأئمة:

وهذا من صُلب عقيدة الشيعة التي يحاولون تشويه عقيدة أهل السنة بها وبإدخالها عليهم, فهم دائمو الدندنة بقضية الولاية, فهم يحاولون تقرير عقيدة ولاية الأئمة عندهم كلما سنحت لهم الفرصة, وأنها أفضل من النبوة, كقول يعقوب ليوسف حين سجد له هو وأبناؤه ورفضه تقبيل يوسف يده قائلاً: أنت لك الولاية على أبيك! أي: أنها أعظم من النبوة بدرجات.

وهذا يذكرنا بقول بعض ضُلال الصوفية وهو ابن عربي في «فصوصه»:

مَقَامُ النُّبُوَّةِ فِي بَرْزَخٍ *** فُوَيْقَ الرَّسُولِ وَدُونَ الْوَلِيّ

وانظر لذلك: «مجموع فتاوى ابن تيمية» (2/221), و(4/171), و(11/226), و(12/399).

وكما في المقطع الذي لم تتم دبلجته في المسلسل من اللغة الفارسية إلى اللغة العربية, عندما قال له من يمثل دور جبريل!: «كم أصبعاً في يديك؟ وكم خيطاً لديك؟ فقال: خمسة أصابع, وأربعة عشر خيطاً. فقال: توسَّل بهم, وسيُكتشف هذا الرمز عند ظهور آخر الأنبياء, ورمز الوجود يكمن في هذين الرقمين, توسَّل بهما وستجد النجاة والراحة».

طبعاً والمقصود بهذين الرقمين:

الرقم (5): (النبي, وفاطمة, وعلي, والحسن, والحسين).

والرقم (14): (الأئمة الاثنا عشر المعصومون, والنبي, وفاطمة).

والله المستعان..

ومن الأدلة على محاولة نشر عقيدة الشيعة -أيضاً- في هذا المسلسل؛ ما اعترف به ممثل دور يوسف -عليه السلام- (مصطفى زماني) في المقابلة التي أجريت معه في قناة (الكوثر) الشيعية عن المقارنة بين يوسف والمهدي, وأن انتظار يعقوب لابنه يشبه انتظار الشيعة لمهديهم, وأنهم سيرونه لا محالة ولو بعد حين, كما رأى يعقوب ابنه بعد طول انتظار!

إظهار يوسف -عليه السلام- بمنظر مَهين في عدة مواضع:

وذلك بضرب إخوته له وإدماء وجهه, ورميه في البئر, وصفع امرأة العزيز له على وجهه عندما رفض طاعتها في المعصية, وغير ذلك..

وهذا كلُّه من الكذب على الأنبياء والمرسلين, ومن المعلوم الكذب عليهم ليس ككذب على أحد من الناس! وهذا غير مستغرب من هؤلاء! كيف لا والشيعة أكذب الملل والطوائف على مرِّ التاريخ.

قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: «وقد اتفق أهل العلم بالنقل والرواية والإسناد على أن الرافضة أكذب الطوائف, والكذب فيهم قديم, ولهذا كان أئمة الإسلام يعلمون امتيازهم بكثرة الكذب.

قال أبو حاتم الرازي: سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول: قال أشهب بن عبد العزيز: سئل مالك عن الرافضة؟ فقال: لا تكلِّمهم, ولا تروِ عنهم؛ فإنهم يكذبون. وقال أبو حاتم: حدثنا حرملة قال: سمعت الشافعيَّ يقول: لم أرَ أحداً أشهد بالزور من الرافضة. وقال مؤمِّل بن إهاب: سمعت يزيد بن هارون يقول: يكتب عن كل صاحب بدعة -إذا لم يكن داعية- إلا الرافضة فإنهم يكذبون».اهـ «منهاج السنة النبوية» (1/26).

تمثيل أدوار الكفرة والمشركين, والتَّلفُّظ بأقوالهم وكفريَّاتهم:

وذلك بقيام بعض الممثلين -الذين ربما مثَّلوا في مسلسل آخر دور نبي أو صحابي أو رجل صالح- بتقمُّص شخصية كافر أو مشرك معروف: يعظِّم آلهتهم الباطلة ويمجِّدها, ويعادي الدين, ويسبُّ الله والأنبياء والإسلام, ويسجد للأصنام, كمن كانوا يعبدون الآلهة! (عشتار) في أوائل الحلقات, ثم الذين كانوا يعبدون الآلهة! (أمون) في آخر المسلسل, وغيرهم..

«ويحصل ذلك عندما يمثل الرجل دور أحد الكفرة؛ فيحاكي أفعاله و يتلفظ بأقواله، وهو مجتهد في إتقان ذلك متفاعل فيه، كما حصل لبعضهم حين مثَّل نفسه من أهل الجاهلية، فسجد للقبر، بمشهد من الناس, وكما حصل لآخر حينما مثل دور رئيس دولة كافر، فسبَّ الإسلام وصرَّح بخطره على الحضارة، وتناول من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-, كل ذلك وقع بحضرة ملأ من الناس, وأمثاله كثير.

ولا شكَّ أن هذا العمل كفر مخرج من دين الإسلام، علي أيِّ وجه قام به «الممثل».

قال -تعالى-: ﴿..وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ *لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ..﴾ [التوبة:64-65].

..قال الإمام أبو بكر الجصاص على هذه الآية: «فيه الدلالة على أن اللاعب والجاد سواء في إظهار كلمة الكفر على غير وجه الإكراه؛ لأن هؤلاء المنافقين ذكروا أنهم قالوا ما قالوه لعباً، فأخبر الله عن كفرهم باللعب ذلك.. إلى أن قال: فأخبر أن هذا القول كفر منهم على أي وجه قالوه من جِدٍّ أو هزل، فدلَّ على استواء حكم الجادِّ والهازل في إظهار كلمة الكفر». «أحكام القرآن» (3/142).

وقال الإمام أبو بكر بن العربي على هذه الآية: «لا يخلو أن يكون ما قالوه من ذلك جدًّا أو هزلاً، وهو -كيفما كان- كفر؛ فإن الهزل بالكفر كفر, لا خلاف فيه بين الأمة.. إلخ». اهـ من «أحكام القرآن».

وقال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في آخر «نواقض الإسلام»: «ولا فرق في جميع هذه النواقص بين الهازل, والجاد، والخائف، إلا المكره, وكلها من أعظم ما يكون خطراً، وأكثر ما يكون وقوعاً؛ فينبغي للمسلم أن يحذرها، ويخاف على نفسه، نعوذ بالله من موجبات غضبه وأليم عقابه»..

وقال الشيخ سليمان بن عبد الله في شرحه لكتاب «التوحيد»: «أي أنه يكفر بذلك، لاستخفافه بجانب الربوبية والرسالة، وذلك منافٍ للتوحيد.

ولهذا أجمع العلماء على كفر من فعل شيئاً من ذلك، فمن استهزأ بالله، أو بكتابه, أو برسله, أو بدينه كفر، ولو هازلاً لم يقصد حقيقته الاستهزاء إجماعاً».اهـ

فتبين من كلام هؤلاء العلماء وحكاياتهم الإجماع: أن من تلفظ بكلمة الكفر -ولو هازلاً-؛ فهو كافر, فما هو حال العامل بالكفر هزلاً؟

قال العلامة بن حجر الهيتمي -عفا الله عنه-: «وقد أجمع السلف والخلف على حكايات مقالات الكفرة والملحدين في كتبهم ومجالسهم، لبيانها وردها.

وإن كان على وجه الحكايات والأسمار، والظرف وأحاديث الناس، ومقالاتهم في الغث والسمين, وهو الكلام الجامع لاختلاف الدلالات: حسناً وقبحاً؛ إذ الغث: الهزيل، ونوادر السخفاء، والخوض في قيل وقال، وما لا يعني, فكلُّ هذا ممنوع منه، وبعضه أشد في المنع والعقوبة من بعض.

وقد سأل رجل مالكاً عمَّن يقول: القرآن مخلوق؟ فقال مالك: كفر, اقتلوه.

فقال: إنما سمعته عن غيري. فقال مالك: إنما سمعناه منك».اهـ «الإعلام بقواطع الإسلام» (2/385).

وقد جاءت أحاديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في التحذير من الحلف بملةٍ غير ملة الإسلام, سواء كان الحالف كاذباً أو صادقاً.

ففي الصحيحين- وغيرهما- عن ثابت بن الضحاك قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من حلف بغير ملة الإسلام فهو كما قال» الحديث.

وفي سنن النسائي عن بريدة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من قال: إني بريء من الإسلام، فإن كان كاذباً فهو كما قال، وإن كان صادقاً لم يعد إلى الإسلام سالماً».

صححه النسائي كما في «فتح الباري» (10/539)». «إيقاف النبيل» (ص67-70) [بتصرف].

مخالفة ظاهر القرآن بتحريفهم بعض تفاصيل القصَّة, والنقل عن الإسرائيليات واعتمادها بدل صحيح السنة:

قال الشيخ ابن سعدي -رحمه الله- في أول تفسيره لسورة يوسف: «واعلم أن الله ذكر أنه يقصُّ على رسوله أحسن القصص في هذا الكتاب، ثم ذكر هذه القصة وبسطها، وذكر ما جرى فيها، فعلم بذلك أنها قصة تامة كاملة حسنة، فمن أراد أن يكملها أو يحسنها بما يذكر في الإسرائيليات التي لا يعرف لها سند ولا ناقل وأغلبها كذب، فهو مستدرك على الله، ومكمل لشيء يزعم أنه ناقص، وحسبك بأمر ينتهي إلى هذا الحد قبحاً، فإنَّ تضاعيف هذه السورة قد ملئت في كثير من التفاسير، من الأكاذيب والأمور الشنيعة المناقضة لما قصَّه الله تعالى بشيء كثير.

فعلى العبد أن يفهم عن الله ما قصَّه، ويدع ما سوى ذلك مما ليس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ينقل».اهـ

قلت: مثال ذلك: في قوله -تعالى-: ﴿وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى العَرْشِ﴾ بيان أن أباه وأمه قد عاشا إلى نهاية الأحداث التي جرت معه كما هو ظاهر القرآن, ولكن الشيعة هنا مجاراة ومشابهة لليهود جعلوها في هذا المسلسل تموت وهو طفل صغير.

قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله-: «قيل: كانت أمه قد ماتت كما هو عند علماء التوراة.

وقال بعض المفسرين: فأحياها الله -تعالى-, وقال آخرون: بل كانت خالته ليا والخالة بمنزلة الأم.

وقال ابن جرير وآخرون: بل ظاهر القرآن يقتضي بقاء حياة أمه إلى يومئذ, فلا يعوَّل على نقل أهل الكتاب فيما خالفه. وهذا قوي والله أعلم». «البداية والنهاية» (1/251).

ومن ذلك زواجه -عليه السلام- من امرأة العزيز, وعودتها شابَّة بعدما شاخت وكبرت! وردُّه بصرها عليها بعدما عميت! وهذا كلُّه محض إسرائيليات لا تقابَل بالتَّسليم عند أولي العقل السليم.

ومن المعلوم أنَّ أخبار نبي الله يوسف -عليه السلام- لا مجال لمعرفتها إلا بنصوص الوحي, أو عن طريق الإسرائيليات, ولا شكَّ أن أكثر نصّ المسلسل مستقىً من الأخيرة, ومن عقليّة المخرج أو المؤلف للسيناريو! اللَّذَين لا يصلحان أن يعتمد عليهما في معرفة الغيوب.

الآثار السَّلبيَّة لهذا المسلسل على المشاهدين:

وذلك في بقاء صورة هذا الممثِّل ملتصقةً باسم هذا النبيِّ أو ذاك المَلَك وعالقةً في ذهن المشاهد, فإذا ذكر نبيُّ الله يوسف بعد ذلك, أو مرَّ اسمه على سمع من شاهد المسلسل, أو قرأ السورة في القرآن, أوَّل ما يتبادر في الذهن الممثِّل الإيراني الرافضي الذي شاهده! وكفى بذلك تنقُّصاً وازدراءً لشخص هذا النَّبيِّ من جهة, ومسخاً لعقل وتصوُّر المشاهد المسلم من جهة أخرى.

ثم ما هي الآثار الإيجابية لهذا المسلسل في نصرة الإسلام والمسلمين؟!

وما النَّصر الذي حقَّقه في رفع راية الدين؟!

وهل رأينا الناس -على إثره- يدخلون في دين الله أفواجاً؟!!!

بل إنهم يَصدُق عليهم -تماماً- كلمة شيخ الإسلام -رحمه الله-في حقِّ أمثالهم-: «لا للإسلام نصروا, ولا لعدوِّه كسروا؛ بل كان ما ابتدعوه مما أفسدوا به حقيقة الإسلام على من اتَّبعهم؛ فأفسدوا عقله ودينه, واعتدوا به على من نازعهم من المسلمين, وفتحوا لعدوِّ الإسلام باباً إلى مقصوده». «مجموع الفتاوى» (5/544).

بل وجدتُ أَنَّ تمثيل هذا الممثل لدور يوسف -عليه السلام- أثر على شخصه هو أيضاً, فقد صرَّح في مقابلته -المذكورة سابقاً-: أنه صار يخالجه اعتقاد مواقف النبوة, ويحسُّ إحساساً غريباً أنه يخرج عن طوره الذي هو فيه, فلربما كان ذلك يشبه الإحساس بنبوته, واستشعاره المواقف التي مرَّ بها نبي الله يوسف, وبكائه عند كل موقف!

وكذلك ذكر قضية العشق الإلهي والفناء في حب الله!!

فهذا من نتائج وثمرات هذا المسلسل على الممثل نفسه, وربما شاركه غيره من الممثلين بما ذكر, فكيف بملايين المشاهدين أيضاً؟! ما هو الشعور الذي يخالجهم عند مشاهدة المسلسل؟ ربما تأتي لحظات على المشاهد وهو يعتقد أن من يراهم من ممثلين فسقة هم حقاً الأنبياء, والملائكة, والصالحون, وكفى بذلك تشويهاً, وتغييراً لتصور المسلمين, واعتقادهم.

تمثيل النساء وظهور العورات:

وهذا أمر لا بد منه في مسلسلهم حتى يكون له تأثير, ويلقى رواجاً عند عامة الناس, ومن استحلَّ تمثيل الأنبياء والملائكة, فغير مستغرب منه أن يستحلَّ تمثيل النساء, ليَظهرن بمفاتنهن أمام الناس على الشاشات.

أصوات الموسيقى والمعازف في المسلسل:

ولا شكَّ أن المعازف محرَّمة في شرعنا الحنيف باتفاق الأئمة الأربعة وغيرهم من علماء الإسلام, حتى ولو كانت معازف دينيَّة! -كما يقولون اليوم-!

وما خفي كان أعظم...

* الخلاصة:

يحرم تمثيل الأنبياء -عليهم السلام- بحال من الأحوال, ويجب على المسلمين -كل المسلمين- احترام أشخاص أنبياء الله ورسله, وعدم انتقاصهم, أو التقليل من قدرهم, فذلك كفر دون شك, وتمثيل أشخاصهم من قبل بعض فُسَّاق الممثلين هو أحد أبواب الانتقاص والإهانة لهم, ومن هؤلاء الأنبياء الذين انتُقِص من قدرهم؛ نبي الله يوسف -عليه السلام-, وذلك في تمثيل الشيعة إياه في مسلسلهم الذي فتنوا به الناس, ومعه والده يعقوب -عليه السلام-, إضافة إلى تمثيل الملكَين: جبريل وملك الموت -عليهما السلام-, وغير ذلك من المنكرات, ولا شكَّ أن الرضى بذلك أو مشاهدته يعتبر إعانةً لهم على الضلال, وفاعل ذلك يعرض دينه وعقيدته لخطر عظيم, خاصّةً وأن الروافض يحاولون تمرير بعض عقائدهم وإثباتها في هذا المسلسل التَّضليلي بشكل واضح.

وعليه؛ فيحرم مشاهدة هذا المسلسل, أو شراؤه, أو اقتناؤه, أو عرضه وبثُّه لعوام النَّاس, صيانةً لجناب الأنبياء, وحمايةً لحمى الدين, وتعظيماً لرب العالمين.

والله - تعالى- أعلى وأعلم

تعليقات

أراء وأقوال

اشترك في النشرة البريدية لمجلة إيران بوست

بالتسجيل في هذا البريد الإلكتروني، أنتم توافقون على شروط استخدام الموقع. يمكنكم مغادرة قائمة المراسلات في أي وقت