حذر صحفي لبناني شيعي حزب اللات من مغبة تجاهله لمعارضيه، الذين قال إنهم يتزايدون يوما بعد يوم، خصوصا بعد الانتخابات البلدية الأخيرة.
وقال الصحفي المعارض لحزب اللات، علي الأمين، إن المعترضين على نهج حزب اللات باتوا رقما صعبا.
وأضاف الأمين في مقال له نشره موقع جنوبية إن الصوت الشيعي المعترض الذي لا يعترف به حزب اللات لم يعد مجرد حالة، بل أصبح معادلة راسخة أثبتت فاعليتها وحضورها في الانتخابات البلدية.
وقال الأمين إنه "في خطوة تهدف إلى امتصاص حالة الغضب، التي أظهرتها الانتخابات البلدية في الجنوب والنبطية، تمنّى الرئيس نبيه بري على محافظي الجنوب والنبطية تأجيل خطوة انتخاب عدد من رؤساء المجالس البلدية ريثما تهدأ النفوس، وبعدما أظهرت الوقائع خلافات حادّة داخل المجالس المنتخبة وبينها وبين المواطنين في عشرات البلدات".
وأكد الأمين أنه "ليس خافيا أنّ ما أظهرته نتائج الانتخابات البلدية من حالة اعتراضية على الثنائية الشيعية الحاكمة والمتحكمة في السياسة وفي البلديات، بات واقعا موجودا. واستطاعت الحالة الجديدة أن تعبر عن نفسها بقوة في العديد من البلديات.
الرئيس نبيه بري التقط، بحسّه السياسي والشعبي، الرسالة الشعبية، ودعا إلى قراءتها، بينما حسن نصرالله حمل دفتر البلديات وأحصى البلدات، حيث فاز حزبه بالتحالف مع أمل، ثم قال: انتصرنا، لا سيّما أن نصر الله نجح في مدّ البلديات بمجموعة من الكفاءات العسكرية ومن الطاقات الأمنية المميزة، وهو إلى ذلك نجح في الإتيان بمحازبيه إلى كل ما طالته يداه وبندقية المقاومة من مناصب بلدية واختيارية".
ويرى الأمين أن معارضة نهج حزب اللات مرشحة أن تتصاعد، وقال: "الاعتراض الشعبي مرشّح لأن يكبر، وسيكبر في الوسط الشيعي؛ فقد أصبح من الممكن الحديث عن حالة اعتراضية شيعية ضد الثنائية الشيعية تقارب 40 في المئة، كما أظهرت الانتخابات البلدية. وهذا لم يعد رأيا في المقالات ووسائل التواصل الاجتماعي، بل صار رقما في صناديق الاقتراع، ورسالة موثقة في الوثائق الرسمية".
وشن الأمين هجوما لاذعا على حزب اللات، الذي رأى أنه يسعى للاستحواذ على كل شيء، وقال: "يمكن الحديث من الآن وصاعدا عن رقم يرجح تعاظمه. ليس لأنّ الشيعة باتوا من مشجعي إسرائيل أو من محبي التكفيريين، كما يصف حزب اللات كلّ من يخالفه الرأي داخل بيئته الشيعية.
بل لأنّ الكثير من المواطنين لمسوا كيف أنّ شهية حزب اللات ليست إلى الاستشهاد كما يقول، بل إلى السيطرة على كل موقع قرار أو مركز إداري أو اجتماعي، الناس لمسوا أنّ حزب اللات يريد أن يسيطر على البلدية، لا بسبب إنجاز مشروع تنموي للبلدة أو لإصلاحها، بل لضمان سيطرة المحازبين، وتحويل البلديات إلى غطاء مالي، وتحويل صندوق البلدية إلى صندوق نفوذ حزبي. وبلدية الغبيري نموذج على هذا الصعيد؛ إذ تحوّلت إلى صندوق تمويل لحزب اللات أمنيا وخدماتيا".
وأضاف الأمين: "شهية الالتهام والمصادرة لدى حزب اللات ساهمت في بلورة حالة الاعتراض والتميّز في البيئة الشيعية، وهي مرشّحة لأن تظهر بقوة، وبشكل أكبر خلال المرحلة المقبلة، فرصيد المقاومة صرفه حزب اللات خلال السنوات الأخيرة، ولم توفر الحرب في سوريا الحجج لحماية هذا الرصيد، قصارى ما سعى إليه حزب اللات هو تغذية العصبية والمذهبية وحسّها لدى الطائفة الشيعية لتبرير قتاله دفاعا عن نظام الأسد".
ويشرح الأمين موفق معارضي نهج حزب اللات ويقول: "يرى هؤلاء الناس أنّ الحرب السورية لن تنتهي قريبا، وهي تستنزف لبنان سياسيا وبشريا، ولن يكونوا بمنأى عن تداعياتها. فالشرخ الذي تحقق، بفضل المجاهدين والمقاومين، بين الشيعة والسنة في سوريا، يشكّل الضربة الاستراتيجية الأهم للعلاقة اللبنانية السورية".
ويدعو الأمين إلى قراءة دلالات الانتخابات البلدية جيدا، "دلالات نتائج الانتخابات البلدية في البيئة الشيعية عميقة، وليست سطحية، وهي أظهرت للمرة الأولى أزمة بين حزب اللات ومن يفترض أنّهم جمهوره، وهذا من دون أن نشير إلى الوسائل التي استخدمها في هذه الانتخابات. ببساطة كان يخوض الانتخابات كسلطة تستخدم سطوة السلاح والمال العام، والتعبئة المذهبية، وغير ذلك من وسائل الترهيب والترغيب. في مدينة بعلبك وحدها تمّ صرف مئات آلاف الدولارات ليشتري حزب اللات الأصوات أو ليرهبها، وبشكل شبه علني. المشكلة اليوم مع جمهوره بالدرجة الأولى، والمشكلة الثانية تكمن في العلاقة مع حركة أمل التي شعرت كوادرها بأنّ حزب اللات يستعجل ابتلاعها".
ويستطرد الأمين قائلا: ربما من حسن حظ الساحات الأخرى، السنية والمسيحية والدرزية، وجود شفافية، وعدم وجود سلطة إيديولوجية أمنية قادرة على إخفاء أصوات المعترضين عليها. ما جرى في بيروت وطرابلس يظهر أنّ المدينتين فيهما حيوية وقدرة على التغيير. أمّا في محافظتي البقاع والجنوب فظهر صوت شيعي محلي قال "لا" قوية. هذه "لا" يعمل حزب اللات كل يوم على أن تكبر؛ بسبب نزعته لإلغاء حتى مؤيديه، فكيف بخصومه؟"
وبسخرية، ينهي الأمين مقاله بقوله: "لكن في حين بارك السفير السعودي للوزير أشرف ريفي بفوز لائحته في طرابلس، وبارك الرئيس سعد الحريري لخصومه في بيروت، لم يبارك أحد للوائح المستقلة في الجنوب، ولا للخاسرين بنسب عالية جدا في البقاع والجنوب والضاحية.
ألا يستأهل أحد الاعتراف بهؤلاء؟ في الداخل والخارج، وهذا الصمت الصاخب… مريب".
المصدر|عربي21