أعلن القيادي في قوات "الحشد الشعبي" في العراق ابو مهدي المهندس يوم الاثنين 29 مايو/أيارعن وصول هذه القوات إلى الحدود السورية مع العراق بعد استعادة عدد من القرى الايزيدية من قبضة تنظيم "الدولة الاسلامية"، واكد المهندس ان الحشد مستمر في القتال حتى تطهير كل الحدود العراقية -السورية وانهاء وجود التنظيم في البلاد.
ويرى البعض ان وصول الحشد الى الحدود السورية يمثل خطوة كبيرة على طريق اقامة ممر بري يصل ايران بالبحر المتوسط مرورا بالعراق وسوريا والذي يعرف اعلاميا بــ "الكوريدور الايراني".
وكان الحشد الشعبي وبمساعدة مقاتلين ايزيديين يطلق عليهم اسم "الحشد الايزيدي" قد سيطر يوم الأحد على المزيد من القرى والبلدات غربي الموصل شمالي العراق، قرب الحدود السورية واهمها قرية كوجو الايزيدية في قضاء سنجار (شنكال) والتي تعرضت لعمليات سبي نساء وقتل واسعة على يد عناصر التنظيم عام 2014.
نقطة تحول
وصول هذه القوات الى الحدود السورية قد يمثل نقطة تحول في مسار الأزمة السورية كون ذلك يمهد لفصل مناطق التنظيم في العراق عن المناطق التي يسيطر عليها في سوريا.
واصبح الحشد تحت اشراف وزارة الدفاع العراقية منذ اقل من عام بحيث بات تسليحه وتمويله يتم عبر موازنة وزارة الدفاع العراقية بينما يقوم مستشارون عسكريون ايرانيون بتقديم المشورة له وعلى رأسهم قائد فيلق القدس قاسم سليماني.
ومن ابرز فصائل الحشد الشعبي قوات "بدر" بقيادة هادي العامري المقرب من فيلق القدس، وهي قوات منظمة جيدا وتمتلك مدافع ودبابات ومدرعات مما مكن هذه القوات من التوجه بسرعة الى الحدود العراقية-السورية وقطع طرق الامداد عن مقاتلي التنظيم في عدد من القرى والسيطرة عليها بسهولة.
وتسيطر وحدات من المقاتلين الايزيديين (وحدات حماية سنجار) ومقاتلون من حزب العمال الكردستاني على المنطقة الواقعة غربي جبل سنجار حتى الحدود السورية بينما تسيطر البيشمركة الكردية على الحدود السورية العراقية الممتدة من سنوني إلى الشمال مرورا بمعبر ربيعة مع سوريا حتى مثلث الحدود العراقية السورية التركية.
وعلى الطرف الاخر من الحدود التي سيطر عليها الحشد تنتشر "وحدات حماية الشعب" التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري وهي تسيطر على اغلب مساحات محافظة الحسكة السورية باستثناء بعض النقاط التي توجد فيها مراكز حكومية في مدينة الحسكة، مركز المحافظة، ومدينة القامشلي التي يوجد فيها مطار القامشلي المدني الداخلي الذي تديره الحكومة حاليا.
واذا توجهت قوات الحشد جنوبا بمحاذاة الحدود السورية فإنها ستكون في مواجهة مباشرة مع التنظيم داخل الاراضي السورية قريبا .
أعلن الحشد عن نيته تطهير الحدود العراقية مع سوريا
"الممر" - الكوريدور
وصول الحشد الى الحدود مع سوريا يعني أن الفرصة باتت سانحة أمام طهران للسير قدما في إنشاء خط مباشر يصلها بالساحل السوري على البحر المتوسط عبر الأراضي العراقية والسورية مما يمكنها مستقبلا مد الحكومة السورية والمليشيات التي ترعاها في سوريا او لبنان بالسلاح والعتاد والرجال.
تنفيذ هذا المخطط ووضعه موضوع التنفيذ مباشرة الآن يتوقف إلى حد بعيد على موقف أكراد سوريا الذين تدعمهم الولايات المتحدة في حربها ضد التنظيم في سوريا وموقف واشنطن التي أعربت في أكثر من مناسبة عن قلقها من دور المليشيات الإيرانية في سوريا.
والمنطقة الكردية في سوريا والتي يسيطر عليها حزب الاتحاد الديمقراطي تمتد من حدود إقليم كردستان العراق وصولاً إلى الغرب من مدينة منبج في محافظة حلب وهي متصلة جغرافيا بمناطق سيطرة الحكومة في ريف حلب . تعيش هذه المنطقة في ظل حصار اقتصادي فعلي مما يترك الباب مفتوحاً للمساومات بين طهران ودمشق من جهة والإدارة الكردية في سوريا من جهة أخرى والتوصل إلى تفاهم ما يخدم مصالح الطرفين.
وفي حال لم تتوصل طهران ودمشق والادارة الكردية في سوريا الى اتفاق او تفاهم في هذا المجال، فلن يبقى امام طهران سوى التوجه جنوباً نحو منطقة القائم.
وأقرب مواقع القوات الحكومية السورية إلى الحدود مع العراق تقع في مدينة دير الزور وهذه القوات يحاصرها التنظيم منذ فترة بعيدة.
وكانت القوات الامريكية قد قصفت قبل عدة ايام رتلا من المليشيات الشيعية كان متجها من دمشق الى المعبر الحدودي مع العراق في منطقة التنف في المثلث الحدودي الصحرواي بين سوريا والاردن والعراق. وتسيطر على هذه المنطقة قوات معارضة سورية تدعهما واشنطن واقامت الاخيرة فيها معسكرا لقوات خاصة قوات امريكية و بريطانية.
يمتلك الحشد اسلحة ثقيلة مثل الجيوش النظامية
تعديل المسار
وقالت صحيفة "الغارديان" البريطانية في عددها الصادر في السادس عشر شهر من مايو/أيار 2017 إن قاسم سليماني وهادي العامري قد أمرا بتعديل مسار الممر مؤخرا بسبب عدم ارتياح طهران من التواجد المتزايد للقوات الامريكية في شمالي سوريا.
وقالت الصحيفة إن نقطة دخول الممر إالى الأراضي السورية يقع على بعد 140 ميلاً جنوب المسار السابق مع الحفاظ على المسار الاصلي الذي يصل الحدود العراقية الايرانية مرورا ببلدة جلولاء في محافظ ديالى متجها نحو الشمال الغربي الى بلدة الشرقاط في محافظة صلاح الدين حتى الوصول إلى جنوب بلدة تلعفر غربي الموصل.
وبعد ذلك ينحرف الى الجنوب الغربي بموازاة الحدود مع سوريا ودخول الارضي السورية عبر المنطقة الحدودية الواقعة شمال شرق بلدة "الميادين" السورية، والتوجه منها الى مدينة دير الزور وصولا الى مدينة تدمر الواقعة تحت سيطرة القوات الحكومية وسط سوريا، والانطلاق منها الى العاصمة دمشق وبعدها الى مدينة حمص وصولا الى الساحل السوري على البحر المتوسط..
اما المسار السابق فقد كان من المقرر ان يمتد من تلعفر الى معبر "ربيعة" الحدودي بين سوريا والعراق والذي تسيطر عليه قوات البيشمركة ومنها الى مدينة القامشلي والإتجاه بموازاة الحدود مع تركيا مرورا بمدينة كوباني ( عين العرب) وصولا الى مدينة عفرين الكردية ومن ثم الاتجاه جنوبا نحو مدينة ادلب ومنها الى حمص وسط سوريا.
وأعلنت مصادر في الحشد عن البدء بحفر خندق وبناء سواتر على الحدود بين العراق وسوريا لمنع تنقل الافراد والعتاد بين طرفي الحدود. وأكد القيادي في الحشد كريم الخاقاني يوم الثلاثاء 30 مايو/أيار أن فريق "الجهد الهندسي بدأ اليوم بحفر الخنادق وإنشاء السواتر على الحدود العراقية" موضحا أن "عمليات تطهير الحدود اتجهت جنوبا صوب الشريط الحدودي مع قضاء القائم أقصى محافظة الأنبار".