تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني
لم تعد قضايا الأمة العربية اليوم معقدة وعصية على الفهم مثل ما كانت في السابق، فمنذ الاحتلال الأميركي للعراق 2003 إلى هذا اليوم، وكل الدول العربية التي شهدت اضطرابات سياسية وأمنية تشابهت فيها الاسباب والادوات والاهداف، في العراق الذي بدأت منه أولى حلقات الانحدار الأمني والسياسي والإنساني، تبرز الأسباب: في الاحتلال الأميركي وتحالفه مع طهران، وسياسيون عراقيون ولاؤهم لأماكن لجوئهم عندما كانوا مطرودين من بلادهم وليس لبلدهم الذي يحكمونه اليوم، النتيجة حرب طائفية مستمرة، عنوانها الكبير تصفية سنة العراق بالكامل، بأدوات عسكرية أميركية وإيرانية وعراقية طائفية.
اليمن يتم الآن تحضيره لنفس المصير؛ حرب طائفية مستمرة وتشجيع صراع الهويات المذهبية، الداعمون للاتجاه نحو هذا المصير هم نفس القوات التي أنهت وجود العراق الموحد بكل أراضيه ولكل شعبه على اختلاف مذاهبهم وأعراقهم، فاليمن ذاهب بدعم أميركي وإيراني إلى تثبيت الطائفيين في الحكم لضمان استمرار الصراع على أساس الاختلافات المذهبية وليس السياسية، فقد استفادت طهران جيداً من الدرس العراقي القائم على ضرب الحياة السياسية نهائياً، وجعل كل خياراتها وهماً وغباء، وإحياء النفس الطائفي وجعل كل المصالح تنطلق من هذا الاعتبار وترتد له..
في اليمن ظهور الحوثي على الساحة السياسية اليمنية لم يكن منذ بداياته -التي سبقت خروج على صالح من الحكم بقوة الارادة الشعبية الثورية –ظهوراً سياسياً يوازن بين قوة وقوة ومصلحة ومصلحة وفقاً لظروف البلد، فالحوثي يستخدم السياسة ليثبت المصالح المذهبية، فالسياسة لديه لا تكون سياسة ما لم تخدم المذهب وتحقق له السيادة المطلقة في كل اليمن، قضيتنا الأساسية مع هذا التوجه، هي في الأساس بالأدوات المستخدمة في تحقيق أهداف الحوثي الطائفية، أولى هذه الأدوات: التخطيط الإيراني الذي لا يقتصر دوره على وضع الخطة فقط، بل وضعها والإشراف على تنفيذها، وخلق ظروف سياسية إقليمية لدعمها، ثاني الأدوات: وجود القاعدة وداعش، فهاتان القوتان المتطرفتان، امتلكتا خبرة في صناعة التطرف والإرهاب، فبعد أن كانت الاستخبارات الدولية تستخدمهما وقت حاجتها لهما، ثم تقضي عليهما متى ما أرادت، أصبح التطرف صناعة لها سوقها ويشترك به أطراف كثيرة، والقيمة المطلوب دفعها للقاعدة وداعش هي تهيئة الوضع السياسي في المنطقة للفوضى، ثم تعرف القاعدة وشقيقتها كيف تشعلانها طائفياً..
إن نجحت الخطة الإيرانية المتمثلة بصعود الحوثي سياسياً وهيمن على القرار الأمني في اليمن، فسوف يسمح بدخول قوات الحشد الشعبي العراقي ويعطيها كامل الصلاحيات الميدانية لحماية مشروعه الطائفي، وفي هذه الحالة سيكون المبرر من وجود قوات الحشد الشعبي هو حماية الحوثي من داعش، فمتى ما استلم الحوثي كرسي الحكم بدعم إيراني ورضا أميركي، لن يمنعه أي اعتبار من إشعال النيران الطائفية في اليمن.
المصدر|صحيفة الرياض