الجمعة, 12 يوليو 2024
اخر تحديث للموقع : منذ 3 أشهر
المشرف العام
شريف عبد الحميد

لا نريد قتل الأطفال

شباب إيرانيون يرفضون الخدمة العسكرية..الجنرالات يرسلوننا إلى سوريا أكثر الحروب «دموية»

بدون رقابة - وكالات | Wed, May 3, 2017 3:19 AM
تلقّوا نشرتنا اليوميّة إلى بريدكم الإلكتروني

أبدى العديد من الشبان الإيرانيين عزوفاً واضحاً عن تأدية الخدمة العسكرية؛ وذلك نظراً لخوفهم من أن يتم إرسالهم للقتال في سوريا. وفي الأثناء، أعرب العديد منهم عن رفضهم لسياسات النظام الديني الحاكم في بلادهم، الذي تلطخت يداه بدماء الأبرياء في سوريا.

وقد تلقى شهاب، الذي أبى أن يُفصح عن هويته الحقيقية، رسالةً من السلطات العسكرية في إيران للالتحاق بالجيش. كان شهاب شاباً في مقتبل العمر يرتدي قميصاً أسود، وكان حليق الرأس، في حين تدلت لحيته الطويلة. وأثناء الحوار الذي أجري معه في ركن مقهى بأحد أحياء وسط طهران، كان شهاب يحرك أصابع يديه بشيء من التوتر، وفق ما ذكرت صحيفة Zeit الألمانية.

 وكان أول ما أشار إليه أنه "قريباً سأجبر على التخلي عن هذا المظهر المرفوض قطعاً في إيران؛ نظراً لأنه يعتبر مخالفاً للتعاليم الدينية. قريباً سأرغم على ترك هذه الملابس المواكبة للموضة وسأحرم من الحرية التي أتمتع بها، والأوقات الجميلة التي أقضيها في المقهى".

الخدمة العسكرية

وقد حاول شهاب، في السنوات الماضية، التهرب من الخدمة العسكرية التي تعد إجبارية في كامل البلاد. ومن المثير للاهتمام أنه قد تمكّن من الحصول على شهادة طبية مزورة سمحت له بالتمتع بإعفاء من الخدمة العسكرية لمدة سنتين. في المقابل، رفضت السلطات هذه الشهادة الطبية، هذه المرة، بدعوى انقضاء الآجال المحددة لتقديمها، على الرغم من أنها تؤكد عجز شهاب عن حمل السلاح.

 في واقع الأمر، باءت محاولات شهاب للتملّص من الخدمة العسكرية بالفشل، ولم يبقَ أمامه أي مهرب سوى الإذعان للأوامر العسكرية. وقد أوضحت الرسالة التي تلقاها شهاب من السلطات أنه مُطالب بالتوجّه إلى إحدى الثكنات العسكرية في غضون 3 أسابيع، وسيتم لاحقاً إعلامه بالمكان الذي سيرسل إليه بعد أن تبدأ فترة خدمته.

 والجدير بالذكر أن الخدمة العسكرية في إيران مختلفة تماماً عن غيرها فضلاً عن أنها تدوم خمس سنوات كاملة.

 على العموم، أشد ما يخيف شهاب هو أن يتم ارساله للقتال خارج حدود الوطن، خاصة أنه يتمتع ببنية ضخمة وعضلات مفتولة، كما أنه طويل القامة ويمارس الرياضة.

 وفي هذا الصدد، صرح شهاب: "من المؤكد أنه سيتم إرسالي للقتال خارج البلاد. لقد فكرت سابقاً في أن أتسبب في إصابة بليغة لنفسي حتى أتهرب من هذا المصير المحتوم، لكنني لم أملك الشجاعة للقيام بذلك. لا أرغب حقاً في قتل أطفال سوريا، لكن يبدو أنني سأكون مجبراً على ذلك".

 والجدير بالذكر أن شهاب لم يتطرق طوال الحوار الذي دار بيننا إلى ذكر سوريا بشكل مباشر وصريح، إلا في مناسبة واحدة. فقد دأب على الإشارة إليها من خلال التعبير عن رفضه التام "للقتال خارج البلاد"، وبعبارة أوضح في الأراضي السورية.

تجنيد الميلشيات

 ومنذ انطلاق الحرب في سوريا، عمدت طهران إلى تجنيد العديد من الميليشيات التي تتكون بالأساس من جنود ومرتزقة للقتال في سوريا، بحجة "محاربة الإرهاب" وإنقاذ نظام بشار الأسد من الانهيار. وفي الأثناء، يتعامل كل من النظام السوري والإيراني مع جلّ المعارضين في سوريا على أنهم عناصر إرهابية. في الوقت نفسه، تتبنى كل من المليشيات اللبنانية والقوات الروسية المتحالفة مع الأسد، الموقف ذاته بغضّ النظر عن خلفية هذه الفصائل المعارضة وأهدافها.

حشد طائفي

وفي السياق نفسه، يتعمّد الإعلام الإيراني التطرق إلى المعارضة السورية بشتى أنواعها والحديث عنها بالطريقة ذاتها، إذ إن جميع من يعارض الأسد أو يساند الثورة، بمن في ذلك المدنيون، يتم وصفهم بأنهم إرهابيون، وأعداء وخونة يجب القضاء عليهم.

 من جهة أخرى، تعتبر إيران تنظيم الدولة بمثابة تهديد وجودي بالنسبة لها، وهو ما دفع العديد من الشباب الإيرانيين للتطوع في الخدمة العسكرية للقتال بسوريا. وفي الوقت الذي لا توجد فيه إحصائيات دقيقة لعدد الجنود الإيرانيين والمرتزقة التابعين لطهران الذين يقاتلون، في الوقت الحالي، في صف بشار الأسد، تشير التقديرات إلى وجود عشرات الآلاف منهم.

حرب طويلة الأمد

 وفي شأن ذي صلة، أثبتت العديد من الصور ومقاطع الفيديو التي تنقل آخر المستجدات في سوريا أن الحرب السورية هي في الواقع حرب إيرانية بامتياز. وفي تشرين الثاني/نوفمبر سنة 2016، أكدت إحدى المنظمات الإيرانية التي تعنى برعاية عائلات الجنود الذين سقطوا في سوريا، أن أكثر من 1000 جندي إيراني قتلوا خلال المعارك الدائرة هناك، فضلاً عن أن عدداً لا يحصى من الجنود قد تعرضوا لإصابات بليغة، في حين أن أغلب من عادوا من ساحات القتال يعانون من اضطرابات نفسية حادة، وقد تباينت المواقف في إيران بعد تزايد حالات القتلى والجرحى جراء الحرب طويلة الأمد في سوريا، وفق ما ذكرت صحيفة الشرق الأوسط الدولية.

تعب وحيرة

مؤخراً، أصبحت الشوارع والأماكن العامة في طهران تزخر بجنود يافعين تبدو علامات التعب والحيرة واضحة على وجوههم. وقد نقشت أسماء هؤلاء الجنود على جيوب بدلاتهم العسكرية على مستوى الصدر.

 وفي الأثناء، بادر العديد من هؤلاء الشباب إلى زيارة مقابر الجنود الإيرانيين الذين سقطوا على الأراضي السورية، مع العلم أنه عادة ما يتم الإشادة بهؤلاء القتلى ووصفهم على اعتبار أنهم أبطال حرب، وذلك بغية تشجيع الجنود الموجودين حالياً في سوريا على مواصلة أداء مهمتهم التي تعتبر بمثابة "دفاع عن العتبات الشيعية المقدسة".

 تجاوز الحظر..مأساة سوريا

 والجدير بالذكر أن هذه الدعوات للحرب في سوريا لم تلق آذاناً صاغية لدى شهاب، الذي تمكن من الالتفاف على الحظر المفروض على مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال تنزيل تطبيق VPN Client على هاتفه.

وقد دأب شهاب على مشاهدة صور القتل والدمار في المدن السورية، ومأساة الأطفال الذين قصفهم النظام السوري بالغاز. ولذلك، يدرك شهاب تماماً حقيقة الوضع المزري هناك.

 وفي هذا الإطار، أورد شهاب "عندما أشاهد ما يقع في حلب وحمص وإدلب، أتساءل في قرارة نفسي عن حقيقة ما يحدث. أنا أعي جيداً أن الحرب فظيعة وأن الإيرانيين متورطون فيها بشكل كبير".

في الواقع، أعرب شهاب عن قناعته التامة بأن جنرالات الجيش الإيراني سيرسلونه قريباً إلى أكثر الحروب دموية التي شهدها العالم خلال العقود الأخيرة. في المقابل، يواجه شهاب معضلة كبيرة، حيث إنه متخوّف من أن يتم اعتباره خائناً، علماً بأنه مدرك أن هذه الحرب التي تخوضها إيران، لا جدوى منها.

 وفي هذا السياق، أفاد شهاب: "أنا أحترم الشهداء الإيرانيين الذين سقطوا على أرض المعركة، لكنني لست مقتنعاً بأنه ينبغي أن أموت من أجل هذه القضية أو أقدم على قتل أشخاص آخرين. في الحقيقة، أنا لست على استعداد لخوض هذه المعركة".

احتجاجات ضد الحرب

 وفي وقت سابق تداول ناشطون إيرانيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو عن تظاهرات لمئات من الإيرانيين بمدينة أصفهان، تجمعوا أمام مبنى المحافظة، للتنديد بتدخل النظام الإيراني في سوريا وإنفاق المليارات، لإنقاذ نظام الأسد على حساب حرمان الإيرانيين، ومن ضمنهم العمال الذين لم يتلقوا رواتبهم منذ أكثر من 3 أشهر.

 ورغم تصاعد الاحتجاجات خلال الأشهر الأخيرة، بسبب عدم دفع رواتبهم التي تصل في بعض المحافظات إلى عدم تلقي الأجور لمدة 9 أشهر، بسبب الأزمة الاقتصادية وعجز الموازنة الإيرانية، فإن هذه المرة الأولى التي يهتف فيها العمال ضد إنفاق النظام الإيراني بالمليارات على دعم الإرهاب الذي يمارسه حلفاؤه بدل إنفاقه على تحسين الوضع المعيشي لمواطنيه.

تعليقات

أراء وأقوال

اشترك في النشرة البريدية لمجلة إيران بوست

بالتسجيل في هذا البريد الإلكتروني، أنتم توافقون على شروط استخدام الموقع. يمكنكم مغادرة قائمة المراسلات في أي وقت