تتجه المعركة في اليمن إلى مرحلة هي الأخطر على الصعيد العسكري، حيث زج الجيش اليمني والمقاومة الشعبية بعشرات الآلاف من المقاتلين المدعومين بقوات التحالف العربي لتحرير الموانئ اليمنية (ميدي – المخا)، وبالفعل تمكنت قوات الحكومة اليمنية من تحرير المخا في الجنوب وميدي في الشمال، وباتت تلك القوات على أبواب مدينة الحديدة والميناء الاستراتيجي التابع لها، والمؤكد أن إبعاد الانقلابيين عن السواحل اليمنية هو ضربة قاصمة لهم.
وفي الوقت نفسه، فإن معارك "تعز" و"إب" و"البيضاء" تسير لصالح الجيش اليمني والمقاومة، مع انهيارت وانشقاقات كبيرة في صفوف الانقلابيين.
هذه المؤشرات جعلت نائب الرئيس اليمني هادي الفريق علي محسن الأحمر يؤكد من جبهات عمق محافظة صعدة (معقل الحوثيين): إننا "سنطوق الإنقلابيين والنصر بات قريباً".
مضيق باب المندب
وبتحرير الشريط الساحلي الغربي لمحافظة تعز فقد نجحت قوات الشرعية في تأمين مضيق باب المندب من تهديدات الصواريخ الإيرانية التي نصبها الانقلابيون على مشارف باب المندب.
كما تم بتحرير المخا قطع الطريق الرابط بين تعز والحديدة، ووضع محور الحديدة بين فكي كماشة الجيش اليمني والتحالف برًّا وبحرًا من جهتي تعز وميدي، إضافة إلى تحرير الجزء الشرقي من محافظة تعز؛ وبالتالي أصبحت محافظة تعز على وشك التحرر من سيطرة الانقلابيين.
المخلوع
وقد شعر الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح بأن الخناق قد ضاق على مليشياته، خصوصا بعد الانتصارات الكبيرة التي حققتها المقاومة الشعبية في محيط العاصمة خصوصا جبهة "نهم"، وانشقاق أعداد كبيرة من المقاتلين الموالين له وتململ قادته العسكريين في الحرس الجمهوري الموالي له، ونشوب الخلافات بين عناصر مليشياته ومليشيا الحوثي على خلافة مناصب قادتهم الذي قتلوا على يد قوات الشرعية والتحالف.
كل ما سبق أجبر "المخلوع" على الخروج في كلمة مرئية طلب فيها تدخل بلدان الخليج لوقف المعارك في اليمن وتقديم مبادرة كالمبادرة الخليجية.
ولم يكن صالح ليخرج بمثل هذه الكلمات الاستسلامية بعد تهديداته السابقة، إلا لأنه أدرك جيدا حقيقة ما يجري على الأرض، وإصرار التحالف العربي وقوات الحكومة اليمنية على الحسم العسكري، والتحولات الاستراتيجية بعد تغير الإدارة الأمريكية، حيث وصفت إدارة "ترامب" المليشيات الحوثية بأنها جماعة إرهابية تابعة لإيران، وصالح لاشك أنه يسعى لفك ارتباطه بهم
وقد أكد الرئيس اليمني هادي، أن الرئيس السابق كان يدعم الحوثيين أثناء الحروب الست السابقة معهم لاستنزاف القوات التي يقودها علي محسن الأحمر،لأنه كان يشكل تهديدا على مشروع التوريث، وتابع بالقول: "مشروع الرئيس السابق علي صالح كان التوريث، ومشروع عبد الملك الحوثي ولاية البطنين وتحالفا لاستمرار سلطتهما بغطاء سياسي وديني".
تلك الحقيقة التي ذكرها الرئيس هادي، وتصريحات المخلوع الأخيرة، تؤكد أنه تنازل عن أحلامه وبات يبحث عن مصيره، وأن أكثر ما يطمح له سياسيا هو أن يحافظ على حزبه في مرحلة ما بعد الحرب.
أسباب الاصرار على الحسم
ولعل الضربات الحوثية بالصواريخ الباليستية على أراضي المملكة العربية السعودية والتي وصلت إلى محاولة استهداف مكة المكرمة والتي تصدت لها منظومات الدفاع الجوي السعودي، قد غيرت الكثير من المعطيات والوقائع على الأرض، فقد أدرك الكثيرين من الموالين لمليشيات الحوثي خاصة أنهم باتوا مطية لإيران وأن هذه الحرب ليست حربهم.
وقد تبين لهؤلاء إلى أي مستوى وصل خطر إيران ومليشياتها في المنطقة، فمحاولة استهداف "مكة المكرمة" كانت بصاروخ إيراني من نوع "زلزال" استطاعت إيران تهريب كميات كبيرة منه إلى الأراضي اليمنية.
من ناحية أخرى، فإن محاولات مليشيات الحوثي لعشرات المرات التسلل إلى الأراضي السعودية التي تم التصدي لها من قبل قوات التحالف العربي وتكبيدهم خسائر فادحة، كانت من أهم العوامل التي ولدت قناعة لدى الحكومة اليمنية والتحالف العربي بضرورة الحسم العسكري في أسرع وقت، لأنهم أدركوا أن المخطط الإيراني يزداد خطورة في كل لحظة إذا لم يتم ردعه، وهذا هو السبب الذي جعلهم يرفضون مبادرات الولايات المتحدة الأمريكية في ظل إدارة ترامب التي كانت تحابي المليشيات الانقلابية.
نهاية حتمية
المليشيات الانقلابية لم يعد لديها القدرة ولا الاستطاعة على مجابهة قوات الشرعية ممثلة في الجيش والمقاومة الشعبية، خصوصا أن العمليات العسكرية الأخيرة التي استهدفت الموانئ، تعني قطع الدعم اللوجستي الإيراني عن الانقلابيين.
كذلك فإن المعارك في محيط العاصمة اليمنية من ناحية، والتقدم في محور صعدة وتحرير الموانئ إن اكتمل (بتحرير الحديدة) فهذا سيعني تضييق الخناق بشكل كامل وحصار المليشيات، بما سيعجل بانهيارهم الحتمي.
والمعروف تاريخيا أن تحرير صنعاء سيعني تحرير كامل شمال اليمن، وهناك قبائل عديدة تنتظر تقدم القوات الشرعية للانضمام لها.
ولاشك أنه في حال استمرت تلك العمليات العسكرية بهذا الزخم الغير مسبوق، فإن تحرير “اليمن” بأكمله سيكون في القريب العاجل، وهو ما يعني إنهاء نفوذ إيران ومشروعها في جنوب الجزيرة العربية.