دعا مقال نشره موقع "ناشونال إنترست" (National Interest) الأميركي الولايات المتحدة إلى دعم المحور التركي الأذربيجاني الباكستاني كقوة موازنة لإيران وروسيا في جنوب القوقاز والشرق الأوسط الكبير.
وقال كاتب المقال تاراس كوزيو أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الوطنية لأكاديمية كييف موهيلا بأوكرانيا، إن إيران تصعّد خطابها العسكري ضد أذربيجان وتجري أكبر مناورات عسكرية منذ 3 عقود على حدودها مع أذربيجان، ومن جانبها تقوم أذربيجان بتعبئة الروح الوطنية، التي ارتفعت بعد الانتصار الأخير ضد أرمينيا، لمواجهة إيران.
وأوضح كوزيو أن الصراع العسكري بين إيران وأذربيجان من شأنه أن يؤدي إلى حريق إقليمي نظرا إلى أن تركيا قد أبرمت للتو اتفاقا أمنيا مع أذربيجان من خلال التوقيع على إعلان شوشا في يونيو/حزيران الماضي، كما من المؤكد أن تزيد باكستان -حليفة تركيا وأذربيجان- من الضغط العسكري على الحدود الشرقية لإيران. وفي الوقت نفسه، فإن أرمينيا، التي لم تكن مستعدة لقبول هزيمتها، قد تميل إلى استخدام الانشغال بالحرب الأذربيجانية الإيرانية لاستعادة ما يسميها القوميون "أرمينيا الشرقية"، مما يؤدي إلى حرب أخرى على ناغورني قره باغ.
روسيا وأرمينيا
وأضاف الكاتب أن اندلاع حريق إقليمي سيكون ضارا بالسياسة الأمنية الروسية في جنوب القوقاز، لأنه سيعرض للخطر ما تسمى بعملية "حفظ السلام" الروسية في ناغورني قره باغ، مشيرا إلى أن الكرملين لن يكون في مقدوره التظاهر بالحياد إذا شارك حلفاؤه الإقليميون، إيران وأرمينيا، في عمليات عسكرية.
وأشار الكاتب إلى أنه ليس من قبيل الصدفة أن تظهر التوترات الإقليمية وخطر اندلاع حرب أذربيجانية إيرانية بعد وراثة الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي نظاما جيوسياسيا إقليميا راسخا معارضا لإيران.
وذكر أن جزءا من هذ التكوين الجيوسياسي الراسخ المعادي لإيران هو المجموعة العسكرية والأمنية الموالية للغرب والتي تتكون من تركيا وأذربيجان وباكستان، مشيرا إلى توقيع الدول الثلاث في يوليو/تموز الماضي إعلان "باكو" (Baku)، وهو شراكة إستراتيجية للتعاون السياسي والعسكري بين أطرافه.
باكستان والهند
وأشار أيضا إلى أن إعلان باكو جدّد دعمه لعودة الأراضي المحتلة إلى أذربيجان، وأعرب عن تضامنه مع موقف باكستان بشأن منطقتي جامو وكشمير المتنازع عليهما مع الهند، مضيفا أنه في أوائل سبتمبر/أيلول الماضي نفذت تركيا وأذربيجان وباكستان مناورة عسكرية مشتركة في باكو استخدمها القادة العسكريون الأذربيجانيون لشكر حليفتهم على دعمهم خلال حرب ناغورني قره باغ عام 2020.
وقال إن إسرائيل، التي لديها شراكة أمنية مع أذربيجان منذ أوائل القرن الـ21، تنتمي إلى هذه المجموعة الجيوسياسية أيضا. وأوضح أنه في إطار المنافسة هناك مجموعة جيوسياسية أخرى تتكون من روسيا وأرمينيا وإيران، وأن أرمينيا دعمت الهند في نزاعها الإقليمي مع باكستان.
أكبر مناورة عسكرية لإيران
واستمر كوزيو ليقول إنه ليس من المستغرب أن يؤدي تعيين الريس الإيراني رئيسي إلى تدهور العلاقات بين المجموعتين الجيوسياسيتين، وأن قعقعة السلاح بدأت فور تسلمه منصبه، إذ أجرت إيران أكبر مناوراتها العسكرية منذ 30 عاما على الحدود الأذربيجانية. وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده إن إيران "لن تتسامح مع وجود الكيان الصهيوني بالقرب من حدودها، وستتخذ الإجراءات الأمنية التي تراها ضرورية".
5 أسباب
وأورد الكاتب 5 أسباب لتدهور علاقات إيران مع أذربيجان، وهي:
أولا، الشراكة الأمنية بين أذربيجان وإسرائيل، إذ قال الكاتب إنه على الرغم من أن الشراكة الأمنية لأذربيجان الشيعية مع إسرائيل غير عادية وفريدة من نوعها، فإن باكو أشارت بالمقابل إلى أن تعاون إيران الشيعية مع أرمينيا المسيحية "التي احتلت الأراضي الأذربيجانية، يتناقض أيضا مع تضامن العالم الإسلامي".
ثانيا، عدم رغبة إيران في قبول دولة شيعية علمانية (أذربيجان) ترى أنها تنتمي إلى مجال النفوذ التقليدي لها. كما أن أذربيجان الحديثة والعلمانية توفر الدعم للمعارضة الإيرانية من خلال إظهار مسار بديل لها. وبالتالي، فإن مثال أذربيجان للإيرانيين الساخطين يشبه الدور الذي تلعبه أوكرانيا الديمقراطية للمعارضة الروسية لنظام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ثالثا، مخاوف إيران من انفصال الأقلية الأذربيجانية داخلها التي تمثل أكثر من ربع سكانها، إذ دعمت هذه الأقلية باكو في حرب ناغورني قره باغ عام 2020، وهو موقف يتعارض تماما مع دعم طهران لأرمينيا.
رابعا، تنامي النفوذ التركي في أذربيجان. ففي العقود الثلاثة الماضية، تم تطوير الاقتصاد الأذربيجاني والبنية التحتية للطاقة على نطاق واسع، مما جعلها الدولة المهيمنة في دول جنوب القوقاز الثلاث، وهو تطور لا يروق لإيران.
خامسا، إحباط إيران من نتيجة حرب 2020 التي أدت بعد عودة الأراضي المحتلة إلى أذربيجان إلى تقليص الحدود الإيرانية الأرمينية إلى أقل من 50 كيلومترا، وهذا يوفر لأذربيجان خنقا شديد الفعالية لإمدادات الطرق الإيرانية للأقلية الأرمينية الانفصالية في قره باغ.
المصدر : ناشونال إنترست