حذّرت الاستخبارات (الإسرائيلية)، بأن إيران تعتزم استغلال «أذرعها» في الشرق الأوسط، لا، بل الإعداد لهجمات «ضد أهداف غربية» لكي تكون في موقع قوة في مواجهة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن؛ وذلك بهدف إعادة التفاوض بشأن الاتفاق النووي.
واعتبر مسؤولون في الاستخبارات العسكرية (الإسرائيلية)، أن إيران تريد التفاوض لإدخال تعديلات على الاتفاق النووي قبل العودة للتقيد بمندرجاته، وأنها تستغل قدرات «أذرعها» على غرار «حزب الله» في لبنان والمقاتلين في سوريا، إضافة إلى حلفائها في العراق واليمن وغزة للضغط على واشنطن، حسب ما أوردت «وكالة الصحافة الفرنسية».
ويرى هؤلاء أن طهران عازمة على الانتقام بعدما تلقّت ضربات قاسية في عام 2020، بمقتل مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، قاسم سليماني في بغداد بضربة نفّذتها طائرة أميركية مسيّرة في يناير (كانون الثاني)، واغتيال محسن فخري زاده، نائب وزير الدفاع لشؤون الأبحاث والتطوير والمسؤول برنامج «آماد» السابق لأسلحة النووية الإيرانية، في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) قرب طهران في عملية معقّدة اتّهمت إيران (إسرائيل) بتدبيرها.
وتعهد الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن إعادة بلاده إلى الاتفاق شرط عودة إيران المسبقة للالتزام بمندرجاته كافة.
واعتبر رئيس هيئة أركان (الجيش الإسرائيلي) أفيف كوخافي، أن العودة للاتفاق النووي ستكون «أمراً سيئاً»، معلناً أن بلاده تعمل على إعداد «خطط جديدة» للتصدي لإيران.
ولم تخفِ إسرائيل يوماً معارضتها للاتفاق المبرم في عام 2015 بين طهران والدول الكبرى، وقد دعمت حملة «الضغوط القصوى» التي أطلقها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب على طهران بعدما أعلن في عام 2018 انسحاب بلاده من الاتفاق النووي وإعادة فرض عقوبات على الجمهورية الإسلامية.
ومنذ مقتل سليماني، تعول إيران حل أزمتها الاقتصادية بالتفافها على العقوبات الأميركية وبتعزيز قدرات «أذرعها»، وفق تقرير للاستخبارات العسكرية (الإسرائيلية).
واعتبر التقرير، أن «حزب الله»، حليف طهران، قد يسعى لرفع منسوب التوتر عند الحدود اللبنانية – (الإسرائيلية) بشن ضربات ضد طائرات مسيّرة (إسرائيلية) أو عبر اشتباكات، لإعادة ضبط موازين القوى من دون إشعال حرب.
لكن التقرير (الإسرائيلي) يحذّر من تزايد احتمالات حصول تصعيد خارج عن إرادة إسرائيل إذا ما أخطأت حسابات «حزب الله» بشأن الرد (الإسرائيلي).
واعتبر قائد بارز في (الجيش الإسرائيلي)، طلب عدم كشف هويته، أنه في الوقت الراهن «يعاني المحور الشيعي (عجزاً في قدرات الردع) في مواجهة إسرائيل، ويريد التحرّك (لاستعادة هذه القدرات)؛ ما من شأنه أن يقوّض الاستقرار» عند الحدود الشمالية.
وفي سوريا، ينتشر 25 ألف مقاتل بين سوريين وأفغان موالين لطهران، ومئات العناصر الإيرانيين، تمدّهم طهران بصواريخ كروز، وبطائرات مسيّرة، وبأنظمة دفاعية مضادة للطائرات وبأجهزة رادار، وفق الاستخبارات (الإسرائيلية).
في أنحاء أخرى من المنطقة، تشكّل «أذرع» طهران «في العراق واليمن خيارات أقل كلفة، وفاعلة ويمكن لإيران التنصّل من مسؤوليتها عنها لشن هجمات من دون المخاطرة بإشعال حرب»، وفق القائد العسكري (الإسرائيلي)، مشيراً خصوصاً إلى المتمردين الحوثيين في اليمن الموالين لإيران.
ويعتبر أنه «يمكن أن تعمد إيران في العام المقبل إلى استئناف هجماتها ضد أهداف غربية في مختلف أنحاء العالم، وأن تبقي في الوقت نفسه الغموض قائماً» حول تورّطها، من دون أن يقيم القائد العسكري صلة في الوقت الراهن بين هذه الفرضية والانفجار الذي وقع مؤخراً أمام السفارة (الإسرائيلية) في الهند.
واعتبر أن اتفاقات التطبيع التي وقّعتها (إسرائيل) مؤخراً مع دول عربية، خصوصاً الإمارات، توجد «توازناً»، وتشكل وسيلة مهمة «لزيادة الضغوط على إيران».
في موازاة ذلك، يحذّر التقرير من تنامي القدرات العلمية لإيران التي أعلنت في يناير (كانون الثاني)، أنها توصّلت لإنتاج يورانيوم مخصب بنسبة 20 في المائة في منشأة فوردو المقامة تحت الأرض.
واعتبر القائد العسكري، أنه «على الرغم من أن الاتفاقات قادرة على منع زيادة مخزون الوقود النووي، فإن بعض مشاريع الأبحاث والتطوير لا رجعة فيها».
في الأثناء، أفادت صحيفة «نيويورك تايمز» عن تقييم استخباراتي للجيش الإسرائيلي، بأنه «إذا اختارت إيران صنع قنبلة، فستحتاج إلى نحو عامين، جزئياً لأنها تفتقر إلى جميع المكونات والقدرة التقنية».
ولوح وزير الأمن الإيراني محمود علوي بتغيير مسار البرنامج النووي الإيراني، والتوجه إلى إنتاج أسلحة نووية إذا استمرت الضغوط الغربية على بلاده.
وقال مسؤولو المخابرات (الإسرائيلية)، تحدثوا للصحافيين شريطة عدم الكشف عن هويتهم عند مناقشة أنشطة إيران النووية، إنهم يعتقدون أن إيران جمعت ما يكفي من اليورانيوم لصنع ما يقرب من ثلاث قنابل نووية - إذا تم تخصيب اليورانيوم إلى 90 في المائة، وهو مستوى صنع أسلحة. وقال المسؤولون، إن مثل هذا التخصيب «نظرياً، يمكن تحقيقه في نحو خمسة أشهر».
لكن تقييمات المخابرات (الإسرائيلية) قالت، إن إيران ما زالت تفتقر إلى الإمكانات العلمية والتقنية لصنع سلاح.
ونقلت «نيويورك تايمز» عن قائد إسرائيلي كبير للصحافيين في (إسرائيل)، أن اغتيال فخري زاده وجّه ضربة قاسية للبرنامج الإيراني.
وقال الوزير الإيراني للتلفزيون الرسمي في وقت متأخر الاثنين، إن «المرشد الأعلى قال بوضوح في فتواه إن الأسلحة النووية محرمة دينيا ولا تسعى الجمهورية الإسلامية لحيازتها». وأضاف «لكن قِطاً محاصراً يمكن أن يتصرف بشكل مخالف لما يفعله عندما يكون طليقاً، وإذا دفعت (الدول الغربية) إيران في ذلك الاتجاه فلن يكون الذنب ذنب إيران».