منذ سنوات طويلة خرج علينا الدكتور محمد عبد المنعم البري، العميد السابق لكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، ليحذر في كتبه ومقالاته من خطر انتشار التشيع بين أبناء الدول العربية وخاصة مصر، وكأنه كان يعلم أن هلاك دول كالعراق وسوريا واليمن ولبنان سيأتي على أيدي الشيعة.
وبالأمس رحل عن عالمنا الدكتور محمد البري عن عمر يناهز الـ 81 عاما، تاركا وراءه مكتبة علمية تضم أكثر من 15 مؤلفا منها كتاب "الجذور اليهودية للشيعة" الذى كشف فيه أوجه التشابه بين عقائد اليهود والشيعة والصوفية.
وعندما طلبت إيران من جامعة الأزهر فتح فرع لها بطهران، أعلن الدكتور البري رفضه قائلا: "إيران تستغل المذهب الشيعي لتحقيق أهداف سياسية، كما أن الإسلام الذي تقدمه إيران ليس بالإسلام الصحيح ".
ويرى الدكتور محمد البري أنه لا يمكن أن يحدث تقارب بين أهل السنة والشيعة طالما تمسك الشيعة بعقيدتهم في الإمامة، ويرى أيضًا أن هناك بونا شاسعا بين الصوفية السابقين وبين الصوفية المعاصرين لنا في الوقت الحاضر إذ أن السابقين كانوا يخلصون كل أعمالهم لله عز وجل في حين أن زعماء الصوفية الآن يتشاجرون ويتناطحون من أجل الكراسي وبعض المكاسب المادية، ولذا فإن التصوف الحقيقي من وجهة نظرة يعني النزاهة والسماحة وتطليق الدنيا والانشغال بالله عز وجل فضلا عن الاهتمام بأمر المسلمين.
ولد الدكتور محمد البري في 13 أبريل عام 1935 في مدينة الخانكة بمحافظة القيلوبية، أتم حفظ القرآن الكريم في الحادية عشرة من عمره، وفي المعهد الأزهري نمت بلاغته وقدراته الإلقائية والخطابية، وبدأ الخطابة في المرحلة الإعدادية في مسجد بالخانكة.
والتحق بكلية أصول الدين جامعة الأزهر وتخرج منها عام 1963 ، وعين معيدا بها، ثم حصل على درجة الماجستير عام 1969 عن رسالة بعنوان "الصراع بين الحق والباطل كما تصوره سورة يوسف"، ونال درجة الدكتوراه عام 1987 عن رسالة بعنوان "المنافقون وموقفهم من الدعوة الإسلامية"، وعين عميدا لكلية الدراسات الإسلامية.
شارك بالحياة السياسية كرجل دين منفتح مساهم في نهضة مصر والأمة الإسلامية شأنه شأن الغالبية من علماء الأزهر الشريف ، وخلال حكم الرئيس جمال عبد الناصر كان هناك خلافا بين مؤسسة الأزهر الشريف والنظام السياسي في مصر في هذه الفترة، تعرض خلالها الكثيرين من علماء الأزهر للسجن والاعتقال، ولكن لم يتعرض الدكتور للسجن رغم التحقيق معه لمرات عدة.
وفي عهد الرئيس أنور السادات، عاد الدكتور للمشاركة في الحياة السياسية من خلال خطبة وكتاباته، وخاض الانتخابات النيابية فى عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، ورغم نجاحه في دائرته بالزيتون إلا أنه لم يتمكن من دخول مجلس الشعب المصري وذلك لعدم نجاح القائمة في هذه الانتخابات التي اعتمدت نظام القوائم الانتخابية.
ويعد الشيخ البري صاحب مبادرة تدويل الأزهر إسلامياً أسوة بالفاتيكان، حيث قام بمطالبة الرئيس المخلوع، محمد حسني مبارك، بذلك، وأعد كتابات كثيرة ونداءات متكررة، لكن مبادرته ما تزال في الأدراج .
وشارك في إعادة النشاط لجبهة علماء الأزهر عام 1994، وانتخب بالتزكية رئيساً للجبهة لدورتين متتاليتين وانتخب الشيخ يحيى إسماعيل أمينا عاما لها، وقاد الشيخان حملات ضروسة ضد شيخ الأزهر السابق الدكتور محمد سيد طنطاوي في العديد من المواقف مما عرض الجبهة للتضييق من قبل الأجهزة الرسمية والحكومة المصرية، إلي أن حلت الجبهة في عام 1998 وأغلق مقرها وحظر نشاطها.