يبدو أن الشرق الأوسط مقبل على حرب دامية، وأن اندلاعها بات مسألة وقت فقط، فالمشهد الدولي والإقليمي معقد إلى أقصى درجة، المنطقة بأجمعها على صفيح ساخن لم يسبق له مثيل.
ومع كل هذا التوتر، قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلغاء الاتفاق النووي مع إيران وعلل ذلك بأنه مليء بالأخطاء ولا يمكنه منع إيران من امتلاك قنبلة نووية، وأوضح «إذا سمحنا لهذا الاتفاق بالمواصلة فسيكون هناك قريبا سلاح نووي في الشرق الأوسط»، وفي هذا إشارة لتهديد بلدان خليجية بأنها ستملك السلاح النووي في حالة إمتلاك إيران لهذا السلاح.
هذا الانسحاب يعني أن احتمالات التصادم العسكري «الأمريكي - الإيراني»، قد ارتفع بل نجزم أنه بات مسألة وقت ليس أكثر، خصوصا أن جولات وزير الخارجية الأمريكية الجديد السريعة كانت «جولات حرب» وبمعنى آخر التهيئة للحرب القادمة.
الرد الإيراني
ترامب سيضع شروطا تعجيزية على إيران يرافقها مهلة لتنفيذ هذه الشروط، وهي شروط مذلة لا يمكن تنفيذها خصوصا أنها متعلقة بالبرنامج النووي ومنظومة الصواريخ البالستية، فإذعان إيران لتلك الشروط سيعني استسلامها وهذا لن يحدث.
الرئيس الإيراني حسن روحاني تحدث بشعارات جوفاء عفى عليها الزمن وكانت أكثر رسائله إلى الشعب الإيراني، لأنه يدرك جيدا أن عودة العقوبات وسط انهيار العملة والاقتصاد الإيراني له عواقب وخيمة، وسيؤدي إلى انتفاض الشعب الإيراني مجددا لتجريف نظام الملالي الشيعة من جذوره, لذا حرص روحاني على التأكيد أن الأقتصاد الإيراني لن يتضرر!.
وقد رد قادة من الحرس الثوري الإيراني، أنه يمكن لإيران الإضرار بالمصالح الأمريكية في العراق من خلال مليشياتها، كما نشر الحرس الثوري الإيراني منظومات من الصواريخ في محيط دمشق خصوصا في جنوبها.
ردود الأفعال
الاتحاد الأوروبي وبريطانيا والصين وروسيا أعلنوا تمسكهم بالاتفاق النووي مع إيران، لكن مواقفهم جميعا لن تغير من السيناريو القادم أي شيء، لأن أمريكا هي من تملك خطوط اللعبة.
ولكن مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون أعلن أن العقوبات على إيران أخذت حيز التنفيذ منذ الآن وحذر الشركات الأوروبية وأمهلها أشهر قليلة قبل أن تطبق عليها العقوبات.
الحرب قادمة
الحرب على الأبواب كما أسلفنا من قبل، والحديث هنا عن صراع إقليمي دولي تتسارع وتيرته إلى حد خطير وغير مسبوق!.
كلما مر الوقت، كلما حوصر ترامب أكثر، وكلما بحث عن سبيل للهروب من الاتهامات التي تلاحقه بسبب الخروقات التي شابت الانتخابات الأمريكية والتدخل الروسي، ومن فضائحه السلوكية التي لا تنتهي.
كذلك فإن تعيين مستشار الأمن القومي الأمريكي «جون بولتون» و«مايك بومبيو» في هذا الوقت بالتحديد له ما بعده، ومن يعلم هؤلاء وأفكارهم وتاريخهم، يدرك أن الأمور ستشتعل لا محالة، وهذا يعني أن المحافظين الجدد الذين وقفوا وراء احتلال العراق هم من يدير اليوم السياسة الخارجية لواشنطن، ومن خلفهم رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ولا ننسى أن مليشيات الحشد الموالية لإيران تهيمن على العراق، ولهذا باتت أمريكا تزج بقوات كبيرة إلى قواعدها العسكرية في العراق.
ومع التمدد الإيراني في الأراضي السورية، وحشد الحرس الثوري الإيراني لعشرات الآلاف من عناصر المليشيات الشيعية متعددة الجنسيات، بدأت التهديدات العلنية بين دولة الاحتلال وإيران تتصاعد بشكل غير مسبوق، بل أصبحت الضربات الإسرائيلية تدمر القواعد العسكرية الإيرانية.
بل إن البنتاغون يتوقع هجوم إيراني أو من ملشيات شيعية مدعومة من إيران ضد إسرائيل التي وضعت بدورها قواتها في مرتفعات الجولان المحتلة على على أهبة الاستعداد.
وقد وصل الأمر بوزير الحرب الصهيوني افيجدور ليبرمان بتهديد نظام الملالي باللجوء إلى عمل عسكري على أراض إيرانية، في حين ردّ قائد في الحرس الثوري الإيراني على التهديدات بأنه -إذا هاجمت إسرائيل- فإن بلاده قادرة على توجيه ضربة عسكرية لأي موقع إسرائيلي تريده.
الموقف يحتدم، وسوريا ستشهد مواجهة دولية حتمية على أراضيها، ووقوع هذه الحرب بات مسألة وقت ليس أكثر.